ـ[عبد الله الشنقيطي]ــــــــ[06 - 01 - 05, 03:27 ص]ـ
في هذه الوقفة سنتناول إخراج المؤلف مسألة فضل الصحابة، وعدالتهم من جمل قطعيات الدين، وزعمه أن المدخل لها في ذلك غال لا يميز بين الوحي والتاريخ.
قال في ص 130
"وإذا كان الصحابة رضي الله عنهم وهم يتقاتلون لم يصوغوا خلا فاتهم السياسية بلغة الكفر والإيمان، فحري بالباحثين اليوم أن يتقيدوا بذلك، ولا يخلطوا بين الوحي والتاريخ.
فحسن التناول يقتضي من الدارس للخلافات السياسية بين الصحابة ـ وبين المسلمين عموما ـ أن يضع حدا فاصلا بين كليات العقيدة وفروع الدين، وأن لا يحول الفرع إلى أصل، فيقع في الغلو، ويحيد عن الجادة ".
و المسائل موضع النقاش.
1 ـ تقسيم الدين إلى فروع وأصول.
2ـ ما ذا يقصد الكاتب بقوله إن الصحابة لم يصوغوا خلافاتهم لغة الكفر والإيمان.
3ـ هل مسألة فضل الصحابة وعدالتهم من جمل قطعيات الدين.
أولا تقسيم الدين إلى أصول وفروع من خزعبلات المتكلمين التي لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا قول صاحب، بل كل هذه الأصول تدل على خلافه.
وأفضل من بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية فقال مبينا هذه القضية:
"والفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال أهل البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم. وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه، ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره.
قالوا: والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام، لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع، بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة، فهي باطلة عقلا؛ فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين، بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة.
فمنهم من قال: مسائل الأصول هي العلمية الاعتقادية التي يطلب فيها العلم والاعتقاد فقط، ومسائل الفروع هي العملية التي يطلب فيها العمل.
قالوا: وهذا فرق باطل فإن المسائل العملية فيها ما يكفر جاحده، مثل وجوب الصلوات الخمس والزكاة وصوم شهر رمضان وتحريم الزنا والربا والظلم والفواحش. وفي المسائل العلمية مالا يأثم المتنازعون فيه، كتنازع الصحابة: هل رأى محمد ربه؟ وكتنازعهم في بعض النصوص: هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ وما أراد بمعناه؟ وكتنازعهم في بعض الكلمات: هل هي من القرآن أم لا؟ وكتنازعهم في بعض معاني القرآن والسنة: هل أراد الله ورسوله كذا وكذا؟ وكتنازع الناس في دقيق الكلام: كمسألة الجوهر الفرد، وتماثل الأجسام، وبقاء الأعراض، ونحو ذلك؛ فليس في هذا تكفير ولا تفسيق.
قالوا: والمسائل العملية فيها علم وعمل، فإذا كان الخطأ مغفورا فيها، فالتي فيها علم بلا عمل أولى أن يكون الخطأ فيها مغفورا.
ومنهم من قال: المسائل الأصولية هي ما كان عليها دليل قطعي، والفرعية ما ليس عليها دليل قطعي.
قال أولئك: وهذا الفرق خطأ أيضا، فإن كثيرا من المسائل العملية عليها أدلة قطعية عند من عرفها، وغيرهم لم يعرفها، وفيها ما هو قطعي بالإجماع، كتحريم المحرمات الظاهرة، ووجوب الواجبات الظاهرة ..
ومنهم من فرق بفرق ثالث، وقال: المسائل الأصولية هي المعلومة بالعقل، فكل مسألة علمية استقل العقل بدركها، فهي من مسائل الأصول التي يكفر أو يفسق مخالفها. والمسائل الفروعية هي المعلومة بالشرع. قالوا: فالأول كمسائل الصفات والقدر، والثاني كمسائل الشفاعة وخروج أهل الكبائر من النار.
فيقال لهم: ما ذكرتموه بالضد أولى؛ فإن الكفر والفسق أحكام شرعية، ليس ذلك من الأحكام التي يستقل بها العقل. فالكافر من جعله الله ورسوله كافرا، والفاسق من جعله الله ورسوله فاسقا، كما أن المؤمن والمسلم من جعله الله ورسوله مؤمنا ومسلما، والعدل من جعله الله ورسوله عدلا، والمعصوم الدم من جعله الله ورسوله معصوم الدم، والسعيد في الآخرة من أخبر الله ورسوله عنه أنه سعيد في الآخرة، والشقي فيها من أخبر الله ورسوله عنه أنه شقي فيها، والواجب من الصلاة والصيام والصدقة والحج ما أوجبه الله ورسوله، والمستحقون لميراث الميت من جعلهم الله ورسوله وارثين، والذي يقتل حدا أو قصاصا من جعله الله ورسوله مباح الدم بذلك،والمستحق للفيء والخمس من جعله
¥