تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

محيصة وحويصة أبناء مسعود وهما أبنا عم المقتول لأنهما كان أسن من أخيه فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه وأصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط فله أجر الاجتهاد في ذلك ولا إثم عليه فيما حرم من الإصابة كسائر المخطئين في اجتهادهم الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم أجرا واحدا وللمصيب أجرين ولا عجب أعجب ممن يجيز الاجتهاد في الدماء وفي الفروج والأنساب والأموال والشرائع التي يدان الله بها من تحريم و إيجاب ويعذر المخطئين في ذلك ويرى ذلك مباحا لليث والبتي أبي حنيفة والثوري ومالك والشافعي وأحمد وداود وإسحاق وأبي ثور وغيرهم كزفر وأبي يوسف ومحمد بن الحسن والحسن بن زياد وابن القاسم وأشهب وابن الماجشون والمزني وغيرهم فواحد من هؤلاء يبيح دم هذا الإنسان وآخر منهم يحرمه كمن حارب ولم يقتل أو عمل عمل قوم لوط وغير هذا كثير وواحد منهم يبيح هذا الفرج وآخر منهم يحرمه كبكر أنكحها أبوها وهي بالغة عاقلة بغير إذنها ولا رضاها وغير هذا كثير وكذلك في الشرائع والأوامر والأنساب وهكذا فعلت المعتزلة بشيوخهم كواصل وعمرو وسائر شيوخهم وفقهائهم وهكذا فعلت الخوارج بفقهائهم ومفتيهم ثم يضيقون ذلك على من له الصحبة والفضل والعلم والتقدم والاجتهاد كمعاوية وعمرا ومن معهما من الصحابة رضي الله عنه وإنما اجتهد في مسائل دماء كالتي اجتهد فيها المفتون وفي المفتين من يرى قتل الساحر وفيهم من لا يراه وفيهم من يرى قتل الحر بالعبد وفيهم من يرى قتل المؤمن بالكافر وفيهم من لا يراه فأي فرق بين هذه الاجتهادات واجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما لولا الجهل والعمى والتخليط بغير علم وقد علمنا أن من لزمه حق واجب وامتنع من أدائه وقاتل دونه فإنه يجب على الإمام أن يقاتله وإن كان منا وليس ذلك بمؤثر في عدالته وفضله ولا بمحب له فبالمقابل هو مأجور لاجهاده ونيته في طلب الخير فبهذا قطعنا على صواب علي رضي الله عه وصحة أمامته وأنه صاحب الحق وأن له اجرين اجر الاجتهاد واجر الإصابة وقطعنا إن معاوية رضي الله عنه ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجرا واحدا وأيضا وأهل العدل المبغي عليهم والمأمورين بالإصلاح بينهم وبينهم ولم يصفهم عز وجل بفسق من اجل ذلك التقاتل ولا ينقص إيمان وإنما هم مخطئون باغون ولا يريد واحدا منهم قتل آخر "

الفصل في الملل ج: 4 ص: 124

قال النووي رحمه الله:

وأمامعاوية رضي الله عنه فهو من العدول الفضلاء والصحابة النجباء رضي الله عنه وأماالحروب التي جرت فكانت لكل طائفة شبهة اعتقدت تصويب انفسها بسببها وكلهم عدول رضي الله عنهم ومتأولون في حروبهم وغيرها ولم يخرج شئ من ذلك احدا منهم عن العدالة لأنهم مجتهدون اختلفوا في مسائل من محل الاجتهاد كما يختلف المجتهدون بعدهم في مسائل من الدماء وغيرها ولا يلزم من ذلك نقص أحد منهم واعلم أن سبب تلك الحروب أن القضايا كانت مشتبهة فلشدة اشتباهها اختلف اجتهادهم وصاروا ثلاثة اقسام قسم ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في هذا الطرف وأن مخالفه باغ فوجب عليهم نصرته وقتال الباغي عليه فيما اعتقدوه ففعلوا ذلك ولم يكن يحل لمن هذه صفته التأخر عن مساعدة امام العدل في قتال البغاة في اعتقاده وقسم عكس هؤلاء ظهر لهم بالاجتهاد أن الحق في الطرف الآخر فوجب عليهم مساعدته وقتال الباغي عليه وقسم ثالث اشتبهت عليهم القضية وتحيروا فيها ولم يظهر لهم ترجيح أحد الطرفين فاعتزلوا صليت وكان هذا الاعتزال هو الواجب في حقهم لأنه لا يحل الاقدام على قتال مسلم حتى يظهر أنه مستحق لذلك ولو ظهر لهؤلاء رجحان أحد الطرفين وأن الحق معه لما جاز لهم التأخر عن نصرته في قتال البغاة عليه فكلهم معذورون رضي الله عنهم ولهذا اتفق اهل الحق ومن يعتد به في الاجماع على قبول شهاداتهم ورواياتهم وكمال عدالتهم رضي الله عنهم اجمعين

شرح النووي على صحيح مسلم ج: 15 ص: 149

قال شيخ الإسلام:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير