تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

روي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية - دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت، فقال له يزيد، و كان له مكرماً: يا أبا القاسم، إن كنت رأيت مني خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه، و أتيت الذي تُشير به علي؟ فقال: والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه، وأخبرك بالحق لله فيه، لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه، وما رأيت منك إلاّ خيراً. أنساب الأشراف للبلاذري (5/ 17).

و شهد له بحسن السيرة والسلوك حينما أراده بعض أهل المدينة على خلعه والخروج معهم ضده، فيروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع – كان داعية لابن الزبير - مشى من المدينة هو و أصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب، فقال محمد ما رأيت منه ما تذكرون، قد حضرته و أقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: ذلك كان منه تصنعاً لك، قال: و ما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع؟ ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه، و إن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا، قالوا: أنه عندنا لحق و إن لم نكن رأيناه، فقال لهم: أبى الله ذلك على أهل الشهادة، و لست من أمركم في شيء .. الخ. البداية و النهاية (8/ 233) و تاريخ الإسلام – حوادث سنة 61 - 80هـ – (ص274) و حسن محمد الشيباني إسناده، انظر مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية (ص384).

وقد شهد له ابن عباس رضي الله عنه بالفضيلة وبايعه، كما في أنساب الأشراف (4/ 289 – 290) بسند حسن.

وما اتهمه به الكاتب من تناول المسكر يحتاج إلى دليل صحيح صريح من التارخ، ويزيد على العموم مسلم، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار.

ونحن هنا لا نأيد ما فعله معاوية من تولية العهد ليزيد وإنما قصدنا بيان أن هناك تأويلات صحيحة لما فعل معاوية رضي الله عنه ودوافع لها وجه من النظر.

ومن الأحكام التاريخية التي جانب فيها العلم أو العدل حكمه على أبي الغادية، الصحابي.

إن الذي يسوي بين عمار بن ياسر وبين قاتله أبي الغادية الجهني في العدالة وفي الاجتهاد المأجور صاحبه سواء أخطأ أم أصاب .. لهو ممن لا بصيرة لهم. علمًا بأن أبا الغادية صحابي، بالمعنى الاصطلاحي المتوسع الذي يأخذ به أهل الحديث. وقد ترجم الحافظ الذهبي لأبي الغادية في "سير أعلام النبلاء" تحت عنوان: "أبو الغادية الصحابي" و» قال البخاري: له صحبة «وقال مسلم:» له صحبة «ومع ذلك قال الحافظ ابن حجر في ترجمة أبي الغادية:» أبو الغادية الجهني: اسمه يسار بن سبع، سكن الشام ونزل واسط، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه قوله: "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" روى عنه كلثوم بن جبر وغيره، وكان محبا لعثمان، وهو الذي قتل عمار بن ياسر، وكان إذا استأذن على معاوية وغيره يقول: "قاتل عمار بالباب" يتبجح بذلك. وانظر إلى العجب: يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم النهى عن القتل ثم يقتل مثل عمار «وقد روى الإمام أحمد عن أبي الغادية حديث:» إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام «قال ابن حجر:» فكانوا يتعجبون منه أنه سمع "إن دماءكم وأموالكم [عليكم] حرام" ثم يقتل عمارا «. وقد قال كلثوم بن جبر عن أبي الغادية، وهو الذي روى عنه تبجحه بقتل عمار:» لم أر رجلا أبْيَن ضلالة منه «.

قال كاتب الاعتراض أبو الغادية ممن شهد بيعة الرضوان وأخبر الله أنه علم ما في قلبه عليه و أنه رضي عنه وقال الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل النار، فلم يبق لأهل السنة إلا أن يعتقدوا عدالته مادام أخبر بها الله ورسوله وإن وصفهم محمد بن المختار " ممن لا بصيرة لهم."

قال ابن حزم:

"وعمار رضي الله عنه قتله أبو العادية يسار ابن سبع السلمي شهد بيعة الرضوان فهو من شهد الله له بأنه علم ما في قلبه وانزل السكينة عليه ورضي عنه فأبو العادية رضي الله عنه متأول مجتهد مخطئ فيه باغ عليه مأجور أجرا واحدا"

الفصل في الملل ج: 4 ص: 124 الفصل

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير