ـ[عبدالغفار بن محمد]ــــــــ[05 - 01 - 05, 05:40 م]ـ
تحتوي هذه الحلقة على ثلاثة مواضيع:
الأول: أول من قام بزيارة القبر الشريف
الثاني: من أدلة الزيارة طلب المغفرة من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عند قبره
الثالث: الرد على المعترض
أول من قام بزيارة القبر الشريف
ذكرت الروايات الصحيحة أن أول من فعل ذلك الصحابي الجليل عبدالله بن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، روى عبدالرزاق عن نافع قال: "كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فقال: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه".
قال عبدالرزاق في المصنف (3/ 576).: "وأخبرناه عبد الله بن عمر، عن نافع عن ابن عمر. قال معمر: فذكرت ذلك لعبيد الله بن عمر فقال: ما نعلم أحدا من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فعل ذلك إلا ابن عمر".
فهذه شهادة من عبيدالله بن عمر الثقة لهذه القضية، كالمتعجب من فعل ابن عمر ?، وتفرده من دون صحابة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، فيستبعد أن يروي عبيدالله حديثا منكرا في الزيارة كما سيأتي بيانه في أحاديث ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -.
وحيث أن هذا الفعل صح عن ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - وبمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكر عليه أحد فصار كالإجماع لقبول هذا العمل.
قد يعترض معترض فيقول: هذا ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - جاء مسافرا إلى المدينة، وبدأ بزيارة القبر الشريف، وهو حجة في الباب.
فنقول: إن ابن عمر 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - من أهل المدينة فلما أراد السفر منها بدأ بزيارة القبر، ولما عاد إليها فعل الشيء نفسه، ولو كان من غير أهلها لقلنا بأن فعله يشهد للأحاديث الواهية والموضوعة في الزيارة، ففعله موافق لقول الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
(لا تشدوا الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد مسجدي هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى).
أخرجه البخاري (الجمعة ح 1189). ومسلم (الحج ح 827).
فينبغي لكل مسلم حصل له شوق لزيارة قبره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، اتباع سنة من اشتاق لزيارة قبره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فينوي شد الرحل لزيارة مسجده - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والصلاة فيه، طلبا للأجر المترتب على ذلك، ثم يزور القبر المكرم، وهو كذلك لساكن المدينة إن عرض له سفر أو قدم منه.
من أدلة الزيارة طلب المغفرة من النبي صلى الله عليه وسلم عند قبره
يستدل المجيزون لشد الرحل لزيارة قبر الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وطلب المغفرة منه بهذه الآية: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} (النساء 64)، حيث فهموا هذا الفهم الفاسد من قصتين باطلتين تُذكران عند تفسيرها من بعض المفسرين:
الأولى:
قال القرطبي (5/ 266). عند تفسير هذه الآية: "روى أبو صادق عن علي قال: قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر رسول الله ? وحثا على رأسه من ترابه، فقال: قلت يارسول الله، فسمعنا قولك، ووعيت عن الله، فوعينا عنك، وكان فيما أنزل الله عليك: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ … الآية}، وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي! فنودي من القبر أنه قد غفر لك".
وذكر ابن عبدالهادي رحمه الله سندها في الصارم (ص 430) فقال: "روى أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عبدالله بن عبدالرحمن الكرخي، عن علي بن محمد بن علي، حدثنا أحمد بن محمد بن الهيثم، حدثني أبي عن أبيه، عن سلمة بن كهيل عن أبي صادق، عن علي بن أبي طالب 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - ".
وللقصة علل:
" أحمد بن محمد بن الهيثم".
لم أقف على ترجمته، وقال ابن عبدالهادي في الصارم (ص 430): "أظنه ابن عدي الطائي، فإن يكن هو فهو متروك كذاب، وإلا فهو مجهول"، وذكر من طعن فيه.
¥