تعالم المعترض جعله يَشرق بنقد الإمام ابن عبدالهادي للسبكي، فخصه بسؤ الأدب في المقال ليثأر للسبكي بالهوى ودعوى الباطل. وابن عبدالهادي مسبوق في الحكم على ابن هلال بالجهالة سبقه الحافظان الناقدان، الدارقطني وأبو حاتم الرازي كما في اللسان (2/ 134 – 135)، وهل تجهيلهما لموسى بن هلال مخالف لقواعد الحديث كما زعم المتعالم المعترض؟
ثم تعالم مرة أخرى وكأنه أحد أئمة نقاد الحديث فقال (ص 236): "فتحسين حديث موسى بن هلال، هو ما أراه صوابا، والله أعلم".
قلت: هذا الحديث طعن في صحته وحكم بنكارته وتبرأ منه كبار أئمة الحديث ونقاده وصيارفته: "كابن خزيمة والعقيلي والبيهقي وابن القطان والذهبي وابن حجر"، والمعترض متعالم لا يؤبه لقوله بجانب أقوالهم!!
ثم حاول المعترض متعالما إثبات رواية عبيدالله – المصغر - للحديث فقال (ص 240): "بل حدث به موسى بن هلال، عن عبيدالله بن عمر بأسانيد صحيحة مرات وبمخارج متعددة، فقد رواه هنا من هذا الوجه كما سبق خمسة من الثقات وتعددت مخارجهم".
هذه دعوى باطلة والدعاوى إن لم تقم عليها البينات أصحابها أدعياء، وفي بداية تحقيق هذا الحديث، بينت من روى هذا الحديث عن ابن هلال كلا الطريقين - المكبر والمصغر - وذكرت عدم وقوفي على ترجمة كل من: "جعفر بن محمد البزوري" راوي طريق المكبر، و"محمد بن عبدالرزاق" وهو ممن رُوي عنه الطريقان، فليذكر المعترض المتعالم من هما ومن وثقهما؟
ثم تعالم المعترض رادا على ابن عبدالهادي فقال (ص 247): "أما كونه ضعيف الإسناد منكر المتن، فهو معارض بتصحيح من هو أعلم وأقدم وأقعد بهذا الفن منه، أعني الحافظ أبا علي بن السكن الذي صحح هذا الطريق بمفرده … إلى أن قال: … أما كونه منكر المتن فهي دعوى لايسندها إلا الدفع بالصدر فقط، فلا دليل أتى به ابن عبدالهادي ليقيم به صلب هذه الدعوى المتهاوية".
قال مقيده عفا الله عنه: شرق المعترض بإنكار ابن عبدالهادي الحديث، وهو مسبوق بإنكار كبار الأئمة كما سبق، وتجاهل المعترض أقوالهم، وجعل حكمهم على الحديث دعاوي متهاوية لا يسندها إلا الدفع بالصدر. وتفرد ابن السكن بتصحيح الحديث غير ملزم، لما فيه من علل قادحة.
ثم حكم المعترض متعالما على الحديث بقوله (ص 264): "حديث حسن ولابد، وهذا ماتقتضيه قواعد الحديث، أما من كابر فلا كلام لنا معه".
قال مقيده عفا الله عنه: هذه طريقة أهل الأهواء والمبتدعة البطالين المتعالمين، فالأئمة: "ابن خزيمة والعقيلي والبيهقي وابن القطان، والذهبي وابن عبدالهادي وابن حجر"، لما صدر حكمهم على الحديث بالنكارة والبراءة من عهدته، لم يصدر عنهم مثل هذا الهراء، الذي صدر عن هذا المتعالم في حق المخالف لهم. فاللهم أرزقنا الأدب والإقتداء بأئمتنا.
ومتابعة الحديث الآتي تثبت أن الحديث من رواية عبدالله المكبر.
متابعة لموسى بن هلال عن عبيدالله – المصغر -
(من جاءني زائرا لا يعمله حاجة إلا زيارتي كان حقا علي أن أكون له شفيعا يوم القيامة)).
حديث منكر. أخرجه الطبراني المعجم الكبير (12/ 291)، والأوسط (5/ 275)، (حدثنا عبدان بن أحمد ثنا عبد الله بن محمد العبادي البصري ثنا مسلم بن سالم الجهني حدثني عبيد الله بن عمر .. به .. ).
رويت هذه المتابعة من طريق عبدالله – المكبر الضعيف -، عزاها الذهبي في الميزان للدارقطني وأبي الشيخ من رواية مسلم بن سالم عن عبدالله المكبر، وقد رجعت لطبعتين من الميزان: (تحقيق البجاوي 4/ 104)، و تحقيق مجموعة (6/ 415)، وفي كليهما ذكر عبدالله المكبر. وهو كذلك في اللسان لابن حجر في طبعتين مختلفتين هما: (دار الفكر (6/ 29)، و (دار إحياء التراث العربي (6/ 705)، في ترجمة مسلم عن عبدالله المكبر.
وأخرجه من طريق – المكبر - أيضا: أبو نعيم في أخبار أصبهان، وهو كذلك في طبعتين عن - المكبر- هما: (دار الكتاب الإسلامي (2/ 219)، و (دار الكتب العلمية تحقيق سيد كسروي (2/ 190).
¥