تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يذكر مترجموا أبي الحسن الأشعري أن من أسباب تركه الاعتزال مناظرته لشيخه أبي علي الجبائي في بعض المسائل، ومنها هذه المسألة فقد كان أبو الحسن الأشعري يرى أن أسماء الله توقيفية – بخلاف شيخه الجبائي فمرة دخل رجل على الجبائي، فقال له: هل يجوز أن يسمى الله تعالي عاقلاً

فقال الجبائي: لا لأن العقل مشتق من العقال، وهو المانع، والمنع في حق الله محال، فامتنع الإطلاق 0

فقال أبو الحسن الأشعري: فقلت له: فعلى قياسك لا يسمى الله سبحانه حكيماً لأن هذا الاسم مشتق من حكمة اللجام وهي الحديدة المانعة للدابة عن الخروج، ويشهد لذلك قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:

فنحكم بالقوافي من هجانا **** ونضربُ حين تختلط الدماء

وقول الآخر:

أبني حنفية حكموا سفهاءكم **** إني أخاف عليكمو أن أغضبا

أى نمنع بالقوافي من هجانا، وامنعوا سفهاءكم 0

فإذا كان اللفظ مشتقاً من المنع، والمنع على الله محال، لزمك

أن تمنع إطلاق (حكيم) على الله سبحانه وتعالى 0

قال: فلم يجب الجبائي إلا أنه قال لي: فلم منعت أنت أن يسمى الله سبحانه عاقلاً وأجزت أن يسمى حكيماً؟

قال: فقلت له: لأن طريقي في مأخذ أسماء الله الإذن الشرعي دون القياس اللغوي فأطلقت حكيماً لأن الشرع أطلقه ومنعت عاقلاً لأن الشرع منعه ولو أطلقه الشرع لأطلقته ا هـ ذكره السبكي في الطبقات (3/ 357) وعبدالرحمن بن بدوي في مذاهب الإسلاميين (1/ 500)

ومما سبق نستخلص قاعدة أخرى وهي:

إن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الإخبار لا يجب أن يكون توقيفياً كالقديم والشيء الموجود والقائم بنفسه فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه بعض ما لم يرد به السمع ذكر ه ابن القيم في بدائع الفوائد (1/ 162).

هذا بالنسبة غلى الاسماء،واليك أخى الحبيب النقل بالنسبة للصفات

(المتن)

القاعدة السابعة

صفات الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها

فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى (1): " لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله لا يتجاوز القرآن والحديث (انظر القاعدة الخامسة في الأسماء) 0

طرق إثبات الصفة

ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه:

الأول: التصريح بالصفة (2) كالعزة (3) والقوة (4) والرحمة (5) والبطش (6) والوجه (7) واليدين (8) ونحوهما 0

الثاني: تضمن الاسم لها مثل: الغفور متضمن للمغفرة والسميع متضمن للسمع ونحو ذلك (انظر القاعدة الثالثة في الأسماء) 0

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(الشرح)

(1) نقلها شيخ الإسلام في الفتوى الحموية ص271.

(2) الصفة هي المعنى القائم بالله وقد سبق بيان ذلك في ملحق القاعدة الثانية 0

(3) كقوله تعالى {إن العزة لله} [يونس: 65] 0

(4) كقوله تعالى {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} [الذاريات: 58] 0

(5) كقوله تعالى {أولئك يرجون رحمة الله} [البقرة: 218] 0

(6) كقوله تعالى {إن بطش ربك لشديد} [البروج: 12] 0

(7) كقوله تعالى {وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله} [البقرة: 272] 0

(8) كقوله تعالى {ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} [ص: 75] 0

والتصريح بالصفة سواء في الكتاب أو في السنة.

(المتن)

الثالث: التصريح بفعل أو وصف (1) دال عليها كالاستواء على العرش

والنزول إلى السماء الدنيا والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة (2)

والانتقام من المجرمين (3) الدال عليها – على الترتيب – (4) قوله تعالى: {الرحمن على العرش استوى} [طه: 5] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا إلى السماء الدنيا " الحديث (5) وقول الله تعالى: {وجاء ربك والملك صفاً صفا} [الفجر: 22] وقوله: {إنا من المجرمين منتقمون} (6) [السجدة: 22] 0

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

(الشرح)

(1) قيل إن الصفة والوصف مترادفان وقيل بينهما تغاير و الظاهر أن مراد المؤلف من الوصف هنا هو اسم الفاعل كما في المثال الذي أتى به 0

انظر كتاب الوصف المشتق في القرآن د 0 عبدالله الدايل ص43

(2) هذه كلها أفعال للرب فالاستواء، والنزول والمجيء صفات فعلية0

(3) عرفنا أن هناك فرقاً بين الصفة والوصف وأن دلالة الصفة تكون بالتصريح بها وكذلك تثبت الصفة بالتصريح بالوصف كالانتقام فهو صفة فعلية

(4) يسمى في البلاغة باللف والنشر المرتب وسماه بعض البديعيين بالطي والنشر وهو ذكر متعدد على الإجمال ثم ذكر ما لكل واحد من غير تعيين ثقة بأن السامع يرده إليه لعلمه بذلك بالقرائن.

انظر التبيان في البيان للطيبي ص504 وعلم البديع د0عبدالعزيز عتيق ص167 ومعجم البلاغة للدكتور أحمد مطلوب ص525.

(5) سبق تخريج الحديث.

(6) وورد من ذلك قوله تعالى {وإنا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً} [الكهف: 8]، وقد ذكر ابن الوزير في إيثار الحق على الخلق ص 160 انه من الأسماء 0

وورد قوله تعالى {وانا لموسعون} [الذاريات: 47] 0

وممن ذكر ذلك من الأسماء ابن منده وابن العربي وابن الوزير.

ملاحظة: ان جعلنا المنعم والموسع والجاعل أسماء فإثبات الصفة يرجع إلى الوجه الثاني وهو التضمن لكن لما كان المؤلف يرى أن المنتقم ليس اسما فإنه ذكر أن لله صفة الانتقام من الوجه الثالث والله أعلم.

اليك اخى الحبيب كتاب المُجلى فى شرح القواعد المُثلى لعل الله عز وجل ينفعك به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير