تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهلا قال من تمسك بالقرآن أو بدلالة القرآن أو بمفهوم القرآن أو بظاهر القرآن فى باب الاعتقادات فهو ضال وانما الهدى رجوعكم الى مقاييس عقولكم وما يحدثه المتكلمون منكم بعد القرون الثلاثة فى هذه المقالة وان كان قد نبغ أصلها فى أواخر عصر التابعين.

ثم أصل هذه المقالة مقالة التعطيل للصفات انما هو مأخوذ عن تلامذة اليهود والمشركين وضلال الصابئين فان أول من حفظ عنه أنه قال هذه المقالة فى الإسلام أعنى أن الله سبحانه وتعالى ليس على العرش حقيقة وان معنى استوى بمعنى استولى ونحو ذلك هو الجعد بن درهم وأخذها عنه الجهم ابن صفوان وأظهرها فنسبت مقالة الجهمية اليه.

وقد قيل أن الجعد أخذ مقالته عن ابان بن سمعان وأخذها أبان عن طالوت بن أخت لبيد بن الأعصم وأخذها طالوت من لبيد بن الأعصم اليهودى الساحر الذى سحر النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

وكان الجعد بن درهم هذا فيما قيل من أهل حران وكان فيهم خلق كثير من الصابئة والفلاسفة بقايا أهل دين نمرود والكنعانيين الذين صنف بعض المتأخرين فى سحرهم ونمرود هو ملك الصابئة الكلدانيين المشركين كما أن كسرى ملك الفرس والمجوس وفرعون ملك مصر والنجاشى ملك الحبشة وبطليموس ملك اليونان وقيصر ملك الروم فهو اسم جنس لا اسم علم.

فكانت الصابئة الا قليلا منهم اذ ذاك على الشرك وعلماؤهم هم الفلاسفة وان كان الصابىء قد لا يكون مشركا بل مؤمنا بالله واليوم الآخر كما قال الله تعالى (ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم اجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) وقال (ان الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) لكن كثيرا منهم أو أكثرهم كانوا كفارا أو مشركين كما أن كثيرا من اليهود والنصارى بدلوا وحرفوا وصاروا كفارا أو مشركين فأولئك الصابئون الذين كانوا اذ ذاك كانوا كفارا أو مشركين وكانوا يعبدون الكواكب ويبنون لها الهياكل.

ومذهب النفاة من هؤلاء فى الرب أنه ليس له الا صفات سلبية أو إضافية أو مركبة منهما وهم الذين بعث اليهم ابراهيم الخليل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيكون الجعد قد أخذها عن الصابئة الفلاسفة وكذلك أبو نصر الفارابى دخل حران وأخذ عن فلاسفة الصابئين تمام فلسفته وأخذها الجهم أيضا فيما ذكره الامام أحمد وغيره لما ناظر السمنية بعض فلاسفة الهند وهم الذين يجحدون من العلوم ما سوى الحسيات فهذه اسانيد جهم ترجع الى اليهود والصابئين والمشركين والفلاسفة الضالون هم إما من الصابئين وإما من المشركين

ثم لما عربت الكتب الرومية واليونانية فى حدود المائة الثانية زاد البلاء مع ما ألقى الشيطان فى قلوب الضلال ابتداء من جنس ما ألقاه فى قلوب أشباههم

ولما كان فى حدود المائة الثالثة انتشرت هذه المقالة التى كان السلف يسمونها مقالة الجهمية بسبب بشر بن غياث المريسى وطبقته وكلام الأئمة مثل مالك وسفيان بن عيينة وابن المبارك وأبى يوسف والشافعى وأحمد واسحاق والفضيل بن عياض وبشر الحافى وغيرهم كثير فى ذمهم وتضليلهم.

وهذه التأويلات الموجودة اليوم بايدى الناس مثل أكثر التأويلات التى ذكرها أبو بكر بن فورك فى كتاب التأويلات وذكرها أبو عبدالله محمد ابن عمر الرازى فى كتابه الذى سماه تأسيس التقديس ويوجد كثير منها فى كلام خلق كثير غير هؤلاء مثل أبى على الجبائى وعبدالجبار بن أحمد الهمدانى وأبى الحسين البصرى وأبى الوفاء بن عقيل وأبى حامد الغزالى وغيرهم هى بعينها تأويلات بشر المريسى التى ذكرها فى كتابه وان كان قد يوجد فى كلام بعض هؤلاء رد التأويل وابطاله أيضا ولهم كلام حسن فى أشياء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير