تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صولهم وبغيهم اقل ما فيهم؟. فان قتال المعتدين الصائلين ثابت بالسنة والاجماع، وهؤلاء معتدون صائلون على المسلمين فى انفسهم، واموالهم، وحرمهم، ودينهم. وكل من هذه يبيح قتال الصائل عليها. ومن قتل دونها فهو شهيد، فكيف بمن قاتل عليها كلها، وهم من شر البغاة المتاولين الظالمين؟ لكن من زعم انهم يقاتلون كما تقاتل البغاة المتاولون فقد اخطا خطا قبيحًا، وضل ضلالاً بعيدًا، فان اقل ما فى البغاة المتاولين ان يكون لهم تاويل سائغ خرجوا به؛ ولهذا قالوا: ان الامام يراسلهم، فان ذكروا شبهة بينها، وان ذكروا مظلمة ازالها. فاى شبهة لهؤلاء المحاربين لله ورسوله، الساعين فى الارض فسادًا الخارجين عن شرائع الدين؟ ولا ريب انهم لا يقولون: انهم اقوم بدين الاسلام علمًا وعملاً من هذه الطائفة، بل هم مع دعواهم الاسلام يعلمون ان هذه الطائفة اعلم بالاسلام منهم، واتبع له منهم. وكل من تحت اديم السماء من مسلم وكافر يعلم ذلك، وهم مع ذلك ينذرون المسلمين بالقتال، فامتنع ان تكون لهم شبهة بينة يستحلون بها قتال المسلمين، كيف وهم قد سبوا غالب حريم الرعية الذين لم يقاتلوهم؟! حتى ان الناس قد راوهم يعظمون البقعة وياخذون ما فيها من الاموال، ويعظمون الرجل /ويتبركون به ويسلبونه ما عليه من الثياب، ويسبون حريمه، ويعاقبونه بانواع العقوبات التى لا يعاقب بها الا اظلم الناس وافجرهم، والمتاول تاويلاً دينيًا لا يعاقب الا من يراه عاصيًا للدين، وهم يعظمون من يعاقبونه فى الدين ويقولون: انه اطوع لله منهم. فاى تاويل بقى لهم؟! ثم لو قدر انهم متاولون لم يكن تاويلهم سائغًا، بل تاويل الخوارج ومانعى الزكاة اوجه من تاويلهم.

اما الخوارج فانهم ادعوا اتباع القران، وان ما خالفه من السنة لا يجوز العمل به. واما مانعو الزكاة فقد ذكروا انهم قالوا: ان الله قال لنبيه: {خُذْ مِنْ اَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103]، وهذا خطاب لنبيه فقط، فليس علينا ان ندفعها لغيره. فلم يكونوا يدفعونها لابى بكر، ولا يخرجونها له. والخوارج لهم علم وعبادة، وللعلماء معهم مناظرات، كمناظرتهم مع الرافضة والجهمية. واما هؤلاء فلا يناظرون على قتال المسلمين، فلو كانوا متاولين لم يكن لهم تاويل يقوله ذو عقل.

وقد خاطبنى بعضهم بان قال: ملكنا ملك، ابن ملك، ابن ملك، الى سبعة اجداد، وملككم ابن مولى. فقلت له: اباء ذلك الملك كلهم كفار، ولا فخر بالكافر، بل المملوك المسلم خير من الملك الكافر، قال الله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ اَعْجَبَكُمْ} [البقرة: 221]. فهذه وامثالها حججهم. ومعلوم ان من كان مسلمًا وجب /عليه ان يطيع المسلم ولو كان عبدًا، ولا يطيع الكافر، وقد ثبت فى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال: (اسمعوا واطيعوا وان اُمِّرَ عليكم عبد حبشى، كان راسه زبيبة، ما اقام فيكم كتاب الله ودين الاسلام). انما يفضل الانسان بايمانه وتقواه، لا بابائه، ولو كانوا من بنى هاشم اهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم؛ فان الله خلق الجنة لمن اطاعه وان كان عبدًا حبشيًا، وخلق النار لمن عصاه ولو كان شريفًا قرشيًا، وقد قال الله تعالى: {يَا اَيُّهَا النَّاسُ اِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَاُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا اِنَّ اَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ اَتْقَاكُمْ اِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]. وفى السنن عنه صلى الله عليه وسلم انه قال: (لا فضل لعربى على عجمى، ولا لعجمى على عربى، ولا لاسود على ابيض، ولا لابيض على اسود الا بالتقوى، الناس من ادم، وادم من تراب).

وفى الصحيحين عنه انه قال لقبيلة قريبة منه: (ان ال ابى فلان ليسوا باوليائى، انما وليى الله وصالح المؤمنين)، فاخبر النبى صلى الله عليه وسلم ان موالاته ليست بالقرابة والنسب، بل بالايمان والتقوى. فاذا كان هذا فى قرابة الرسول، فكيف بقرابة جنكسخان الكافر المشرك؟! وقد اجمع المسلمون على ان من كان اعظم ايمانًا وتقوى كان افضل ممن هو دونه فى الايمان والتقوى، وان كان الاول اسود حبشيًا، والثانى علويًا او عباسيًا.

ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[27 - 01 - 05, 07:51 م]ـ

هذا الذي قرره شيخ الاسلام ..... متفرع عن اصل عظيم .. من اصول هذه الشريعة .... ويمكن اختزاله فى العبارة التالية ... (ترك العمل بعد فعله اقبح من عدم الفعل اصلا) ... وتجد في السنة الحكيمة ... كثيرا من المفردات التي ... تندرج ضمن هذا الاصل .... من ذلك .. قوله صلى الله عليه وسلم ( .. وان احب الاعمال ادومها الى الله وان قل) وقوله عليه السلام لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما (لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل)

وقوله (يستجاب لاحدكم ما لم يعجل ... فيقول دعوت .. فلم يستجب لي .. فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء .. )

والله اعلم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير