Mawqif Ibn Abideen Min al-Sufiyya wa’t-Tassawwuf
...
دراسة تحليلية وانتقادية حول مضمون رسالة
» سلِّ الحُسام الهندي في نُصرة مولانا خالد النقشبندي «
لمؤلّفها: الشيخ محمد أمين المعروف بابن عابدين
...
كتبه:
فريد الدين بن صلاح بن عبد الله بن محمد الهاشمي
Feriduddin AYDIN
البريد الألكتروني للشيخ فريد الدين
[email protected]
أسطنبول – 1993م. الطبعة النانية -2003م.
Süleymaniye Vakf? ?lmî ara?t?rmalar Merkezi Yay?nlar?
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أمّا بعد،
فهذه دراسةٌ تحليليّةٌ حول مضمون رسالة سلِّ الحُسامِ الهندي في نصرة مولانا خالد النّقشبندي، لمؤلّفها: الشيخ محمد أمين المعروف بابن عابدين. فقمتُ بهذه الدّراسةِ بناءً على طلبٍ من العالم الفاضل الفقيه الكامل الدكتور الشيخ عبد العزيز أبي محمد سلجوق بَايِنْدِرْ، رئيسِ هيئة الفتوى بدار الإفْتاءِ الشَّريفةِ بمدينة إسطنبول.
فطالعتُ هذه الرسالةَ بإلْمَامٍ واهتمامٍ. فهي تتضمّنُ مقالةً ردِّيَّةً كَتَبَهَا الفقيه محمد أمين المعروف بابن عابدين؛ ردَّ فيها على تُهَمٍ قُصِدَ بِها الشّيخ خالدٌ البغداديُّ النقشبنديُّ. (1778 - 1826م.). فنقلتُ مقاطِعَ هامّةً من هذه الرّسالةِ وأتْبَعْتُ كُلَّ فقرةٍ بملاحظاتٍ مناسبةٍ، ثم اختتمتُ كلامي بالحُكمِ النّهائِيِّ في مضمون هذه الرسالةِ على سبيل الإجمال وفي ضوء الكتاب والسّنةِ.
أسأل الله تعالى أن يجعلها لوجهه الكريمِ، وأن يُرشِدَ بِهَا كُلَّ مَنْ يبحث عن الحقيقة وهو يهدي السّبيل.
فأقول مستعينًا بالله تعالى؛ قال ابنُ عابدين:» فَأَلَّفَ بَعْضُهُمْ رِسَالَةً ... إلخ. «. (ص/2). ولم يذكر اسم المؤلّفِ في البداية على سبيل الاحتقار، ثم قال مشيرًا إلى الشيخ خالد البغداديِّ:» الإمام الشهير، والعارف الكبير ... إلخ. «. وبالغ في تعظيمه إلى أن قال:» وهو الإمام الأوحدُ، والْعَلَمُ المفردُ، والهمامُ الماجدُ، حضرة سيّدي الشيخ خالد ... إلخ. «. وأضاف إلى ذلك ما لا يستسيغُهُ الفقهاءُ ولا يستحسنه العلماءُ ممّا يُزَعْزِعُ ثقة المسلم المثقّف أن يجعله في عداد الفضلاءِ العدول.
قال:» وَاشْتَهَرَ به الطّريقةُ النّقشبنديّةُ الواضحةُ الجليّةُ ... إلخ. «(ص/3)، فإظهر بمثل هذا الإمتداح انحيازه إلى طائفةٍ من الفِرَقِ الْباطنيةِ (وهي النقشبنديةُ) فأظهَرَ بذلِكَ أنّه غيرُ مُحَايِدٍ على أقلِّ تَقْديرٍ. بل هو متعصّبٌ لأهل الطُّرُقِ الصُّوفيّةِ ومخالفٌ لموقف علماء الإسلامِ من الباطنيةِ وأباطيلهم. وفضلاً عن هذا، فقد أطنب ابن عابدين بمدائح متواصلة لهذا الشيخ تعظيمًا وتوقيرًا له؛ ولم يقف عند هذا الحدِّ، بل ازْدَادَ مجاملةً، فتصنّع بمدح سلطان زمانه تَزلُّفًا إليه دونما قرينةٍ، وتكلّفَ في مداهنته له بعباراتٍ خلاَّبةٍ، وخطاباتٍ برّاقةٍ تَمَلَّقَ فيهَا من غير مناسبةٍ كقوله:» أدام الله طلعته السّعيدة في أفق الزّمان كوكبًا منيرًا، وخلّد ذَا لآراء السّديدة في باهي مملكته عضدًا ووزيرًا ... إلخ. «فخالف بهذه اللّهجة المتصنّعة الموقِفَ المستنكفَ المتأنّفَ لعلماء الإسلام من أهل السّلطةِ والمناصِبِ. ثمّ تابع ابن عابدين كلامَهُ بأسلوب العوامّ يذبُّ عن هذا الشَّيخ إلى أن استدلَّ بشهادةِ مفتي دمشق السّيّد حسين أفندي، وَأسهب في مدحه باستعاراتٍ وتعبيراتٍ مجازيةٍ استعرض فيها بلاغتَهُ وباعَهُ الطّويلَ في العلوم العربية وآدابها وقواعدها على غرار ملالي الأكرادِ، حتّى غدا كأنّه امتدح نفسَهُ بمدح غيره، وكفى بذلك ملامة أن يقال:» إنَّ هذا قد أثنى على نفسه. «لأنه ما ادّعى أحدٌ علمًا أو قصد ذلك بطريقة ماّ إلاَّ رُمِيَ بالجهل. ثمّ قال ابن عابدين:» فبادرتُ إلى التّوجّهِ والإقبال على الطّاعةِ والامتثال لسؤالهِ (أي المفتي)، بلا إهمالٍ ولا إمهال، فجمعتُ هذه الأوراق ... «إلى أن قال:» شَهِدَتْ بِبَرَاءَةِ سَاحَتِهِ المحتَرَمَةِ (الضمير راجع إلى الشيخ خالد)، عامّةُ أهل البلادِ من النّاس ... منهم مفتي الأنام في دمشق الشَّام، السّيد حسين أفندي ... إلخ. «وتفنّن ابن عابدين بعد ذلك في صياغة مدح هذا المفتي، ثمّ انتقل إلى سرد ما هو بصدده، فقال:» اعْلَمْ أنّي أُريد أن أكشفَ لك الغطا، وأنبِّهَكَ
¥