تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الزمان بعد أن أُجْرِيَتْ عليها تعديلاتٌ وتمّ عرضُها باسمِ الإسلامِ من جهةٍ أخرى. وما دامتْ اللغَةُ العربيةُ هو المفتاح الوحيد الذي لا يمكن الوصولُ إلى الإسلامِ إلاَّ بِها، فإنه لابدّ لهذه الشعوبِ أن تهتمّ بهذ اللغةِ لِتُقِيمَ صلَتَها مع الإسلامِ من جدبد وبصورةٍ صحيحةٍ. وإلاَّ فلا يكاد المجتمع يتخلَّصُ من الإضطراب والفوضى السائد على المعتقدات والأفكار في هذا البلد.

كذلك، فإنَّ للشيعةِ أثرٌ كبيرٌ على معتقدات الأكراد السنّيين القاطنينَ في شرق البلاد (المنطقة الواقعةِ على الحدود الإيرانية التُّركيةِ)، وذلك بحكم الجوار. ولهذا الأثرِ ملامح ظاهرةٌ على الحياة الدينية للأكراد. كاعتقادهم بالأئمّةِ الاثنى عشر على غرار الشيعةِ. ويشهد على ذلك ما تتضمّنُهُ رسالةُ (نوبهار) للشيخ أحمد الخاني التي قد ألّفها باللغة الكردية (وأخيرًا قد تمّ تصحيحُها وتنقيتُها من آثار المعتقدات الدخيلةِ)؛ وكاعتقادهم بما يُنسَبُ إلى شيوح الطُرُقِ الصوفيةِ من علم الغيبِ والتصرُّفِ في القدرِ. لذا يتواضعونَ لهم تواضعَ العبد الرقيق لسيِّدِهِ على غرار أهل الرفضِ لآياتهم، بل يبلُغُ هذا التّواضُعُ منهم أحيانًا إلى تذلُّلِ الكلبِ لِصاحِبِهِ. وقد أصبحتْ هذه العادةُ شائعةً بين الجماعات الصوفيةِ كما يشهد على هذه الحقيقةِ ما نقلَهُ ابنُ عابِدين في رسالتِهِ (سَلُّ الحُسامِ الهندي ... ) من كلامِ الشيخ خالد البغداديِّ المعروفِ بين أتباعِهِ بِـ (ذي الجناحين)، أنّهُ يقول:» أنا مِن كِلاَبِ السَّادَاتِ «(ص/37)

أمّا شيوخ الطرق الصوفيةِ في الحقيقةِ ليسوا على علمٍ تامٍّ بِلُبِّ العقيدةِ الإسلاميَّةِ والتوحيد الخالِصِ لأسباب كثيرةٍ تعود إلى الظروف الاجتماعيةِ التي تحيط بهم والبيئة التي يتربَّونَ فيها والمناهج التعليمية الوعرة المتطرّفةِ التي تُطَبَّقُ في مدارسِهم. لذا لا يكادُ أحدٌ منهم يُتقِنُ لُغَةَ الضَّادِ نُطْقًا وكِتابةً، بل يقتصرونُ على حفظِ قواعِدِ الصَّرفِ والنحوِ، ويضرِبونَ مثالاً شيطانِيًّا في العِنَادِ بهذه المحاولَةِ دونَ أن يتذوّقوا حلاوةَ هذه اللغةِ، ولا أن يفطنوا إلى أنّها أداةٌ للتعبيرِ عن كُلِّ ما يُقصَدُ به مِنْ سلبٍ وإيجابٍ. لذا فإنَّ معرفتَهم متفاوتةٌ فيها، بل قليلةٌ غالِبًا، حيث لا يكادُ أحدٌ منهم يكتُبُ وينطِقُ بالعربيةِ حتّى بأدنى ما يدور في خلدِهِ ويدبُّ في ذهنِهِ من أمورٍ بسيطةٍ؛ إلاَّ مَنْ كانَ منهم من أبناءِ أسرةٍ عربيةٍ. كذلكَ إنّهم جهلةٌ بواقع العصرِ والتطوُّراتِ الخطيرةِ بما يعانونَ من الفقر العلميِّ والفكريِّ؛ يأخذُ بعضُهم من البعضِ الآخرِ دونَ معرفةٍ، وينقُلُ منهُ دونَ رويَّةٍ، يقلِّدونَ صناديدَهم بلا وعيٍ، ويعبدونَ الله على غيرِ بصيرةٍ، وإنّما يقتصرُ همُّهُمْ على جمعِ الناسِ حولَهم بطُرُقٍ شَتّىَ وأساليبَ ماكِرَةٍ، وقد تدعمهم الحكوماتُ والسُّلُطاتُ لإبعادِ الناسِ عن الحياةِ السِّياسِيَّةِ حتّى تخلُوَ لَها الجوُّ، وتصفُوَ لَها الأمورُ لِيَتَهَنّىَ رِجالُ السِّياسَةِ والطائِفَةُ الحاكِمَةُ بِما شَاءَتْ لَهم أنفُسُهم.

كذلك، فإنَّ شيوخَ الطُّرُقِ الصُّوفِيَّةِ هم في غفلتِهِمْ يعمهمن، وبأباطيلهم يشتغلونَ. لا يهمّهم ما يحلُّ بالمسلمينَ من عدوانِ أهلِ الكفرِ، وما يتعرَّضونَ له اليومَ في مختلفِ انحاءِ العالَمِ على أيدي اليهودِ والنصارى والمجوسِ من تشريدٍ، وقهرٍ، وظلمٍ، واضطهادٍ، وقتلٍ، وقمعٍ، وإبادةٍ ... أمّا الشيوخ، فإنّهم لا يكادونَ يتقلَّبونَ في حياةٍ موهومةٍ غافلينَ عن كُلِّ ما يجريِ حولَهم من صِراعٍ، وحروبٍ، وتطوُّراتٍ، واكتِشافاتٍ، وأحداثٍ غَريبَةٍ، وانقِلاَبَاتٍ خطيرةٍ، يتأثَّرُ بِها المسلمونَ؛ بل إنّهم زيادةً على هذه الغفلَةِ يتقوّلونَ على اللهِ بِتأويلِ آياتِهِ وحملِها على غيرِ ما أرادَهُ اللهُ، وإنْ كانَ القليلُ منهم يتعمّدونَ التَّلبيسَ والتّدليسَ في ذلِكَ. كما أن أكثرِيَّةَ المعاصرينَ منهم أيضًا غافلون عمّا وقع فيه أسلافُهم من الضّلالةِ على جهلٍ، لعجزِهم عن دركِ الحقيقةِ، وهذا هو السبَبِ الأساسيّ لافتنان الأخلافِ بساداتهم الأوّلينَ وكبراءهم الذينَ أضَلّوا السَّبيلَ، وأفسدوا عليهم الفهمَ الصَّحيحَ. ذلك أنّ إفراطَهُمْ في تعظيم شيوخم هو المصيبةُ الكبرى لِهؤلاء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير