تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

من الفرقة الثالة الذين قال الله عز وجل فيهم: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا} (الحشر:10). الآية، فقوموا عني لا بارك الله فيكم ولا قرب دوركم، أنتم مستهزئون بالإسلام ولستم من أهله. " البداية والنهاية [9/ 122]. واستحق الروافض الأخباث والأنجاس هذه العقوبة لأنهم وقعوا في أعراض أفضل الأمم بعد الأنبياء وحملة الشريعة الغراء الى أقاصي البلاد الذين بذلوا في سبيل ذلك الغالي والنفيس؛ فالطاعن فيهم طاعن في الدين وبعيد عن سبيل المؤمنين، سالك لسبيل المعتدين المجرمين، واقع في حبائل الغوي المبين متوعد بالعذاب مهين.

ورحم الله شيخ الإسلام إذ يصف سوء حالهم فيقول عنهم: ((أمة ليس لها عقل صريح ولا نقل صحيح، ولا دين مقبول، ولا دنيا منصورة بل هم من أعظم الطوائف كذباً وجهلاً، ودينهم يدخل على المسلمين كل زنديق ومرتد كما دخل في النصيرية والإسماعيلية وغيرهما. فإنهم يعمدون الى خيار الأمة يعادونهم والى أعداء الله من اليهود والنصارى والمشركين يوالونهم، ويعمدون الى الصدق الظاهر المتواتر يدفعونه، والى الكذب المختلق الذي يُعلَم فسادَه يقيمونه؛ فهم كما قال فيهم الشعبي – وكان من أعلم الناس بهم – لو كانوا من البهائم لكانوا حُمراً، ولو كانوا من الطير لكانو رخماً، ولهذا كانوا أبهت الناس وأشَّدهم فرية مثل ما يذكرون عن معاوية، فإن معاوية ثبت بالتواتر أنه أمره النبي صلى الله عليه وسلم كما أمر غيره وجاهد معه وكان أميناً عنده يكتب الوحي؛ وما اتهمه النبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الوحي، وولاه عمر بن الخطاب الذي كان من أخبر الناس بالرجال، وقد ضرب الله الحق على لسانه وقلبه ولم يتهمه في ولايته)) " الفتاوى [4/ 471 - 472].

وقال تلميذه شيخ الإسلام الثاني ابن القيم رحمه الله تعالى بعد ما ذكر الجهمية والفرعونية والباطنية: (والرافضة الذين هم بحبائل الشيطان متمسكون، ومن حبل الله منقطعون، وعلى مسبة أصحاب رسول الله عاكفون، وللسنة وأهلها محاربون، ولكل عدو لله ورسوله ودينه مسالمون، وكل هؤلاء عن ربهم محجوبون وعن بابه مطردون، أؤلئك أصحاب الضلال وشيعة اللَّعين، وأعداء الرسول وحزبه)) " حادي الأرواح [196].

وقال سبحانه وتعالى: {لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (الحديد:10).

والحسنى هي الجنة كما ورد مرفوعاً وموقوفاً من طرق كثيرة مستفيضة. واستدل ابن حزم رحمه الله تعالى: {وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُّ الحُسنَى} أن جميع الصحابة بدون إستثناء من أهل الجنة مقطوع بذلك.

ورضي الله عنهم من فوق سبع سماوات في قوله {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً} (الفتح:18). وفي قوله: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (التوبة:100).

قال البغوي رحمه الله تعالى: (قال أبو صخر حميدة بن زيادة: أتيت محمد بن كعب القرظي فقلت له: ما قولك في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة محسنهم ومسيئهم، فقلت: من أين تقول هذا؟ قال: اقرأ قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير