تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان، فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم، أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضى الله تعالى عنه، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم، عياذاً بالله من ذلك؛ وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة، وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله تعالى عنهم، وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه ويسبون من سبه الله ورسوله، ويوالون من يوالي الله، ويعادون من يعادي الله، وهم متبعون لا مبتدعون ويقتدون ولا يبتدون، ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون)) " في تفسيره [2/ 367].

قال ابن تيمية رحمه الله: والرضى من الله صفة قديمة فلا يرضى إلا عن عبد علم أنه يوافيه على موجبات الرضى. ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً .. – إلى أن قال – فكل من أخبر الله عنه أنه رضي الله عنه فإنه من أهل الجنة، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح؛ فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح له، فلو علم أنه يتعقب ذلك بما يسخط الرب لم يكن من أهل ذلك)) " الصارم المسلول [574 - 575].

وقال ابن حزم رحمه الله تعالى: (أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم ورضي عنهم وأنزل السكينة عليهم فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم ولا شك فيهم البنة))

والآيات القرآنية في مدحهم وتعظيم قدرهم كثيرة منها: قوله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (آل عمران:110). وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً} (البقرة:143). فمن المخاطب وقت نزول الآيتين غير الصحابة؟ فهم المخاطبون بذلك خطاباً أولياً، فثبت خيريتهم رضي الله تعالى عنهم على كافة الناس غير الأنبياء وجعلهم الله شهداء على الناس يوم القيامة لفضلهم وشرفهم وعلو منزلتهم.

ومنها قوله تعالى: {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} (التحريم:8). قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (وفي الجملة كل ما في القرآن من خطاب المؤمنين والمتقين والمحسنين ومدحهم والثناء عليهم، فهم – أي الصحابة – أول من دخل في ذلك من هذه الأمة، وأفضل من دخل في ذلك من هذه الأمة) " منهاج السنة [2/ 49 - 50].

ثانياً: من السنة النبوية الصحيحة

قال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبّوا أحدا من أصحابي فان أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك

مد أحدهم ولا نصيفه) (1).

قال شيخ الاسلام: (وذلك ان الايمان الذي كان في قلوبهم حين الانفاق في أول الاسلام وقلة أهله، وكثرة الصوارف عنه، وضعف الدواعي اليه لايمكن لأحد أن يحصل له مثله من بعدهم. وهذا يعرف بعضه من ذاق الأمر، وعرف المحن والابتلاء الذي يحصل للناس، وما يحصل للقلوب من الأحوال المختلفة. وهذا مما يعرف به أن ابا بكر رضي الله تعالى عنه لن يكون أحد مثله، فان اليقين والايمان الذي كان في قلبه لا يساويه فيه أحد. قال ابو بكر بن عياش: ما سبقهم ابو بكر بكثرة صلاة ولا صيام، ولكن بشيء وقر في قلبه. وهكذا سائر الصحابة حصل لهم بصحبتهم للرسول، مؤمنين به مجاهدين معه، ايمان ويقين لم يشركهم فيهى من بعدهم. (2).

وقال العلامة الشوكاني: (فانظر الى هذه المزية العظيمة، والخصيصة الكبيرة التي لم تبلغ من غيرهم انفاق مثل الجبل الكبير من الذهب نصف المد الذي ينفقه الواحد منهم، فرضي الله عنهم وارضاهم.

فهم أفضل أولياء الله سبحانه وأكرمهم عليه، وأعلاهم منزلة عنده: وهم الذين عملوا بكتاب الله تعالى وستة رسوله صلى الله عليه وسلم (3).

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم … الحديث) (4).


(1) – رواه البخاري < 3673 >، ومسلم < 2541 >.
(2) – منهاج السنة < 6/ 223 >.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير