تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فتوافوا بدومة الجندل بأذرح وهي نصف المسافة بين الكوفة والشام بينه وبين كل من البلدين تسع مراحل، وشهد معهم جماعة من رؤوس الناس كعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي وعبد الرحمن بن عبد يغوث الزهري، وأبو جهم بن حذيفة فلما اجتمع الحكمان وتراوضا على المصلحة للمسلمين ونظر في تقدير أمور ثم اتفقا على أن يكون الفصل في موضوع النزاع بين علي ومعاوية يكون لأعيان الصحابة الذين توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهم هذا ما اتفق عليه الحكمان فيما بينهما لاشيء سواه.

أما ما يذكره المؤرخون من أن الحكمين لما اجتمعا بأذرح من دومة الجندل وتفاوضا واتفقا على أن يخلعا الرجلين فقال عمرو بن العاص لأبي موسى: اسبق بالقول فتقدم فقال: اني نظرت فخلعت عليا عن الأمر وينظر المسلمون لأنفسهم كما خلعت سيفي هذا من عنقي أو عاتقي وأخرجه من عنقه فوضعه في الأرض، وقام عمرو فوضع سيفه في الأرض وقال: اني نظرت فأثبت معاوية في الأمر: كما أثبت سيفي هذا في عاتقي وتقلده، فأنكر أبو موسى فقال عمرو: كذلك اتفقنا وتفرق الجمع على ذلك من الاختلاف).

فهذه البدع وما يشبهها من اختلاف أهل الأهواء والبدع الذين لا يعرفون قدر أبي موسى وعمرو بن العاص ومنزلتهما الرغ\فيعة في الاسلام. قال ابو بكر بن العربي مبينا كذب ذلك: (هذا كذب صراح ما جرى منه حرف قط، وانما هو شيء أخبر عنه المبتدعة ووضعته التاريخية للملوك فتوارثه أهل المجانة والجهارة بمعاصي الله والبدع) " العواصم -: 179 ".

ولم يكتف الواضعون من أهل التاريخ بهذا بل وسمّوا الحكمين بصفات يتخذون منها وسيلة للتفكه والتندر، وليتخذ منها أعداء الاسلام صورا هزيلة لأعلام الاسلام في مواقف حرجة، فقد وصفوا عمرو بن العاص رضي الله عنه بأنه كان صاحب غدر وخداع، ووصفوا أبا موسى بأنه كان أبله ضعيف الرأي مخدوعا في القول كما وصفوه بأنه كان على جانب كبير من الغفلة.

ولذلك خدعه عمرو بن العاص في قضية التحكيم حيث اتفقا على خلع الرجلين فخلعهما ابو موسى

واكتفى عمرو بخلع علي دون معاوية .. كل هذه الصفات الذميمة يحاول المغرضون الصاقها بهذين الرجلين العظيمين اللذين اختارهما المسلمون ليفصلا في خلاف كبير أدى الى قتل الآلآف من المسلمين، وكل ذي لب يعلم أن المسلمين لا يسندون الفصل في هذه الأمر الى أبي وموسى وعمرو بنالعاص رضي الله عنهما الا لعلمهم بما هما عليه من الفضل، وانهما من خيار الأمة المحمدية، ومن أكثرهم ثقة وورعا وأمانة فكيف يصفون الافلون هذين الرجلين بما وصفوهما به من المكيدة والخداع وضعف الرأي والغفلة، ولكن تلك الأوصاف هي أليق بمن تفوه بها من أهل الأهواء، وقد تجاهل

أولئك الواصفون لأبي موسى وعمرو بما تقدم ذكره أمورا لو دققوا النظر فيها لاستحيوا من ذكر

تلك الأوصاف وتلك الأمور هي:

الأمر الأول: أنهم تجاهلوا أن معاوية لم يكن خليفة ولا هو ادعى الخلافة يومئذ حتى يحتاج عمرو

الىخلعها عنه أو تثبيتها له.

الأمر الثاني: أن سبب النزاع هو أخذ الثأر لعثمان رضي الله عنه من قتلته فلما طلب علي البيعة من معاوية (عتل بان عثمان قتل مظلوما وتجب المبادرة الى الاقتصاص من قتلته وأنه أقوى الناس على طلب بذلك، والتمس من علي أن يمكنه منهم ثم يبايع له بعد ذلك)، ومعنى هذا أن معاوية كان مسلما لعلي بالخلافة لأن الطلب منه بوصفه الخليفة تسليم القتلة، أو اقامة الحد عليهم باعتباره أمير المؤمنين، وكان رأي علي أن يدخل معاوية ومن معه من أهل الشام فيما دخل فيه الناس من البيعة

له، ثم يتقدم أولياء عثمان بالمحاكمة اليه (فان ثبت على أحد بعينه انه ممن قتل عثمان اقتص منه فاختلفوا بحسب ذلك).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير