تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقال الحافظ ابن كثير في معرض كلامه على الحديث الذي رواه مسلم واحمد: (تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق).

قال: (فهذا الحديث من دلائل النبوة اذ قد وقع الأمر طبق ما أخبر به عليه الصلاة والسلام، وفيه الحكم باسلام الطائفتين أهل الشام وأهل العراق، لا كما يزعمه فرقة الرافضة والجهلة الطغام، من تكفيرهم أهل الشام، وفيه أن أصحاب علي أدنى الطائفتين الى الحق، وهذا مذهب أهل السنة والجماعة أن عليا هو المصيب وان كان معاوية مجتهدا، وهو مأجور ان شاء الله، ولكن عليا هو الامام فله أجران كما ثبت في صحيح البخاري من حديث عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، واذا اجتهد فأخطأ فله أجر). "البداية:7/ 290". قال الحافظ: (واتفق أهل السنة على وجوب منع طعن على أحد من الصحابة بسبب ما وقع لهم من ذلك ولو عرف المحق منهم لأنهم لم يقاتلوا في تلك الحروب الا عن اجتهاد وقد عفا الله تعالى عن المخطىء في الاجتهاد بل ثبت أنه يؤجر أجرا واحدا وأن المصيب يؤجر أجرين) "الفتح13/ 42 ".

ورحم الله من قال:

وما جرى بين الصحاب نسكت ** عنه وأجر الاجتهاد نثبت.

وقال أبو محمد بن حزم عن قتال علي معاوية رضي الله عنهما: (ولم يقاتله علي رضي الله عنه لامتناعه من بيعته لأنه كان يسعه في ذلك ما وسع ابن عمر وغيره لكن قاتله لامتناعه من انفاذ أوامره في جميع أرض الشام وهوالامام الواجبة طاعته ن فعلي المصيب في هذا، ولم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة لكن الاجتهاد أداه الى أن راى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان رضي الله عنه

على البيعة ورأى نفسه أحق بطلب بدم عثمان والكلام فيه عن ولد عثمان وولد الحكم ابن أبي العاص لسنه ولقوته على الطلب بذلك كما أمر رسول ا لله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن سهل أخا عبد الله بن سهل المقتول بخيبر بالسكوت وهو أخو المقتول وقال له (كبر كبر).

وروى الكبر الكبر فسكت عبد الرحمن وتكلم محيصة وحويصة أبناء مسعود وهما ابنا عم المقتول لأنهما كانا أسن من أخيه فلم يطلب معاوية من ذلك الا ما كان له من الحق أن يطلبه وأصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا، وانما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط له أجر الاجتهاد في ذلك ولا اثم عليه فيما حرم من الاصابة كسائر المخطئين في اجتهادهم الذين اخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم

أن لهم أجرا واحدا وللمصيب أجرين ولا عجب أعجب ممن يجيز الاجتهاد في الدماء وفي الفروج والأنساب والشرائع والأموال التي يدان الله بها من تحريم وتحليل وايجاب، ويعذر المخطئين في ذلك

ويرى ذلك مباحا الليث والبتي وأبي حنيفة والثوري ومالك والشافعي وأحمد وداود واسحاق وأبي ثور وغيرهم كزفر وأبي يوسف ومحمد بن الحسن بن زياد وابن القاسم وأشهب وابن الماجشون والمزني وغيرهم فواحد من هؤلاء يبيح دم هذا الانسان وآخر منهم يحرمه كمن حارب ولم يقتل

أو عمل عمل قوم لوط، وغير هذا كثير وواحد منهم يبيح هذا الفرج، وآخر منهم يحرمه كبكر

أنكحها أبوها وهي بالغة عاقلة بغير اذنها ولا رضاها وغير هذا كثير، وكذلك في الشرائع والأوامر والأنساب وهكذا فعلت المعتزلة بشيوخهم كواصل وعمرو وسائر شيوخهم وفقهائهم، وهكذا فعلت الخوارج بفقهائهم ومفتيهم ثم يضيقون ذلك على من له الصحبة والفضل والعلم والتقدم

والاجتهاد كمعاوية وعمرو ومن معهما من الصحابة رضي الله عنهم، وانما اجتهدوا في مسائل

دماء كالتي اجتهد فيها المفتون وفي المفتين من يرى قتل الساحر وفيهم من لا يراه وفيهم من يرى

قتل الحر بالعبد وفيهم من لا يراه، وفيهم من يرى قتل المؤمن بالكافر وفيهم من لا يراه فأي فرق

بين هذه الاجتهادات واجتهاد معاوية وعمرو وغيرهما لولا جهل والعمى والتخليط بغير علم وقد علمنا أن من لزمه حق واجب وامتنع عن أدائه وقاتل دونه فانه يجب على الامام أن يقاتله وان كان منا وليس ذلك بمؤثر في عدالته وفضله، ولا بموجب له فسقا بل هو مأجور لاجتهاده ونيته في طلب

الخير، فبهذا قطعنا على صواب علي رضي الله عنه وصحة امامته وأنه صاحب الحق وأن له أجرين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير