تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ذكر الحافظ عبد الغني المقدسي أن يزيد بن معاوية بايعه ستون صحابياً منهم ابن عمر.

قلت: إذا بايع يزيد ستون صحابياً فلا شك أن من بايع معاوية منهم أضعاف أضعاف هذا العدد. قال الأوزاعي: ((أدركت خلافة معاوية عدة من الصحابة منهم أسامة وسعد وجابر وابن عمر وزيد ابن ثابت ومسلمة بن مخلد وأبو سعيد ورافع بن خديج ولأبو أمامة وأنس بن مالك ورجال أكثر وأطيب ممن سمبنا بأضعاف مضاعفة كانوا مصابيح الهدى وأوعية العلم حضروا من الكتاب تنزيله ومن الدين جديده وعرفوا من الاسلام ما لم يعرفه غيرهم وأخذوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تأول القرآن، ومن التابعين لهم بإحسان ما شاء الله، منهم المسور بن مخرمة، وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث، وسعيد بن المسيب، وعبد الله بن محيرز، وفي أشباه لهم لم ينزعوا يداً من جماعة في امة محمد صلى الله عليه وسلم)).

ومن الصحابة أيضاً الحسن بن علي، وابن عباس، وأبو هريرة، وجابر بن عبد الله، وأبو الدرداء وغيرهم كثير رضي الله عنهم أجمعين، فهؤلاء أئمة الهدى ومصابيح الدجى، فلم يبايعوا معاوية رضي الله عنه إلا وقد رأوا فيه شروط الإمامة متوفرة، ومنها العدالة، فمن يطعن بعدالة معاوية وإمامته فقد طعن في عدالة هؤلاء الصحابة جميعهم وخوَّنهم وتنقصهم. فمن رضيه هؤلاء لدينهم ودنياهم ألا نرضاه ونقبل به نحن؟؟ ضللنا اذاً وما اهتدينا ان لم نرض بمن رضوا به، ومن قال لعلهم بايعوا خوفاً فقد سبهم واتهمهم بالجبن وعدم الصدع بالحق، وهم منزهزن عن أدنى شيء يشين دينهم، وهم القوم المعلوم من سيرتهم الشجاعة والشهامة وعدم الخوف في الله لومة لائم ولو نشروا بمناشير الحديد نصفين، فمن استن بسنتهم نجى وسلم، ومن خالفهم واتبع غير سبيلهم ضلَّ وأضل. وفي مبايعة سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما معاوية رد بليغ وإلقام حجر في فم الروافص أعداء الله، والحسن رضي الله عنه من الأئمة المعصومين عندهم الذي لا يجوز الخطأ في حقهم، فلم يا ترى خالفوه ووسموه بمسوّد وجوه المؤمنين؟! إنه الهوى والضلال والزندقة. وفي هذا أيضاً علم من أعلام النبوة إذ قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ابني هذا سيد، ولعل الله يصلح به بين فئتين من المسلمين))، وفي قوله من المسلمين، رد على الخوارج كلاب النار الذين كفَّروا علياً وأصحابه، ومعاوية وأصحابه، عافانا الله وإياكم من الأهواء المضلة.

وعن ابن مليكة: ((قيل لابن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة. قال: إنه فقيه)) " البخاري ". فشهادة ابن عباس له بالفقه والصحبة دالة على الفضل الكثير وهذا منه رضي الله عنه يدل على نظر ثاقب وفقه دقيق " ذكره الحافظ في الفتح [7/ 131].

وقال أبو الدرداء: ((ما رأيت أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله من أميركم هذا – يعني معاوية -)).

قال شيخ الإسلام في منهاج السنة " 6/ 235 " بعد ما أورد أثر ابن عباس السابق، وأثر أبي الدرداء هذا: ((فهذه شهادة الصحابة بفقهه ودينه والشاهد بالفقه ابن عباس وبحسن الصلاة أبو الدرداء وهما هما والآثار الموافقة لهذا كثيرة)).

وقال أيضاً: ((من المعلوم من سيرة معاوية أنه كان من أحلم الناس وأصبرهم على من يؤذيه …)).

قال الامام أحمد: كان معاوية كريماً حليماً.

وقال أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي: معاوية ستر لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فإذا كشف الرجل الستر إجترأ على ما وراءه. " تاريخ بغداد [1/ 209]، والبداية [8/ 142].

وعن قتادة قال: ((قلت للحسن: إن قوماً يشهدون على معاوية رحمه الله أنه في النار، قال: لعنهم الله)) " الشريعة [3/ 521].

وقال محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي وغيره: سُئلَ المعافى بن عمران: أيهما أفضل معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟ فغضب وقال للسائل: أتجعل رجلاً من الصحابة مثل رجل من التابعين! معاوية صاحبه وصهره، وكاتبه، وأمينه على وحي الله. " تاريخ بغداد [1/ 209].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير