أجل من ذلك وأعظم 0 وهذا التمثيل من باب تقريب المعنى الذي لا يطاق الوصول به إلى الأفهام والأذهان وإلا فالأشجار وإن تضاعفت على ما ذكر أضعافاً كثيرة والبحور لو امتدت بأضعاف مضاعفة فإنه يتصور نفادها وانقضاؤها لكونها مخلوقة 0
وأما كلام الله تعالى، فلا يتصور نفاده بل دلنا الدليل الشرعي والعقلي على أنه لا نفاد له ولا منتهى فكل شيء ينتهي إلا الباري وصفاته: {وأن إلى ربك المنتهى} وإذا تصور العقل حقيقة أوليته تعالى وآخريته وأن كل ما فرضه الذهن من الأزمان السابقة مهما تسلسل الفرض والتقدير فهو تعالى قبل ذلك إلى غير نهاية وأنه مهما فرض الذهن والعقل من الأزمان المتأخرة وتسلسل الفرض والتقدير وساعد على ذلك من ساعد بقلبه ولسانه فالله تعالى بعد ذلك إلى غير غاية ولا نهاية والله في جميع الأوقات يحكم ويتكلم ويقول ويفعل كيف أراد وإذا أراد لا مانع له من شيء من أقواله وأفعاله فإذا تصور العقل ذلك عرف أن المثل الذي ضربه الله لكلامه ليدرك العباد شيئاً منه وإلا فالأمر أعظم وأجل ا0هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
(المتن)
ومن أمثلة ذلك أن من صفات الله تعالى المجيء والإتيان والأخذ والإمساك والبطش (1) إلى غير ذلك من الصفات (2) التي لا تحصى كما قال تعالى: {وجاء ربك} (3) [الفجر: 22] وقال: {هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام} (4) [البقرة: 210] وقال: {فأخذهم (5) الله بذنوبهم} [آل عمران: 11] وقال: {ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه} (6) [الحج: 65] وقال: {إن بطش ربك لشديد} (7) [البروج: 12]
(1) الصفات التي ذكرها المؤلف صفات فعلية
(2) ذكر المؤلف في الأمثلة الصفات الفعلية إلا مثالاً واحداً فقد أتى بالصفة الذاتية الفعلية وهي الإرادة في قوله تعالى (يريد الله بكم اليسر) فأصل صفة الإرادة ذاتية فعلية لكن الآية التي استشهد بها هي الإرادة التي ترادف المحبة فتكون هي صفة فعلية أيضاً.
قال الشيخ خليل بن هراس في كتابه ابن تيمية السلفي ص126:
فكلامه قديم الجنس حادث الأفراد، وكذلك فعله وإرادته ونحو ذلك ا0هـ
وقال في ص111:
ومن الصفات ما هي قديم الجنس ولكن تحدث في ذاته تعالى آحاده وذلك مثل العلم والإرادة والكلام ا0هـ
وقال خالد بن نور في منهج أهل السنة (2/ 510):
أهل السنة يثبتون إرادة أزلية ذاتية وإرادات مستقبلية فعليه ا0هـ
(3) الشاهد: إثبات المجيء.
(4) الشاهد: إثبات الإتيان 0
(5) الشاهد إثبات الأخذ 0
(6) الشاهد إثبات الإمساك 0
(7) الشاهد إثبات البطش 0
ملاحظة: هذه الصفة لم يذكرها الشيخ علوي السقاف في كتابه الجامع لصفات الله حيث ذكر في المقدمة ص 12 أنه احصى جميع الصفات الفعلية، فتكون هذه الصفة مما يستدرك على كتابه 0
وقد ذكر هذه الصفة د 0 مروان القيسي في كتابه معالم التوحيد ص 167.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(المتن)
وقال: {يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} (1) [البقرة: 185] وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ينزل ربنا إلى السماء الدنيا " (2)
فنصف الله تعالى بهذه الصفات على الوجه الوارد ولا نسميه بها فلا نقول إن من أسمائه: الجائي والآتي والآخذ والممسك والباطش والمريد والنازل ونحو ذلك وإن كنا نخبر بذلك عنه ونصفه به (3).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الشاهد إثبات صفة الإرادة وهي الإرادة الشرعية الدينية لأنها مرادفة للمحبة،
انظر الروضة الندية شرح الواسطية لزيد بن فياض ص 80.
(2) الحديث في الصحيحين كما في الجمع بين الصحيحين للحميدي (3/ 78)، والجمع بين الصحيحين لأبي حفص الموصلي (1/ 290)، وجامع الأصول لابن الأثير (4/ 138).
(3) وقد سبق أن باب الإخبار أوسع من باب الأسماء فالله لا نسميه بالمريد لكن نخبر عنه أنه يريد وكذا الإخبار عنه بالصانع والقديم 0
وانظر مدارج السالكين (3/ 415) 0
بناءاً على ما سبق نقله من كلام ابن القيم 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -، وكذلك فوائد العلامة ابن العثيمين 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - هى قاعدة عامة.
والله عزوجل أعلم
ـ[أبوالأشبال]ــــــــ[11 - 02 - 05, 11:40 ص]ـ
أخي الحبيب أبا المنذر،
جزاك الله عني خير الجزاء، فقد شفيت الغليل
محبك أبو الأشبال