وقد ذهب أكثرهم إلى أن عليا رضي الله عنه كان محقا في قتاله حاملا لمن خالفه على طاعته يقصد بقتاله أهل الشام حمل أهل الامتناع على ترك الطاعة للإمام وبقتاله أهل البصرة دفع ما كانوا يظنون عليه من قتله عثمان بن عفان رضي الله عنه أو مشاركته قاتله في دمه أو ما يقدح في إمامته واستدلوا على بغي من خالفه من أهل الشام بما كان سبق له من شورى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبيعة من بقي من أصحاب الشورى إياه قبل وقوع الفرقة وإنه كان في وقته أحقهم بالإمامة بخصائصه وأنهم وجدوا علامة رسول الله صلى الله عليه وسلم للفئة الباغية فيمن خالفه وهي في ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ 0000عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار تقتلك الفئة الباغية.سنن البيهقي الكبرى ج8/ص188
وقال أيضاً: وأما خروج من خرج على أمير المؤمنين رضي الله عنه مع أهل الشام في طلب دم عثمان ثم منازعته إياه في الإمارة فإنه غير مصيب فيما فعل واستدللنا ببراءة علي من قتل عثمان بما جرى له من البيعة لما كانت له من السابقة في الإسلام والهجرة والجهاد في سبيل الله والفضائل الكثيرة والمناقب الجمة التي هي معلومة عند أهل المعرفة
إن الذي خرج عليه ونازعه كان باغيا عليه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر عمار بن ياسر بأن الفئة الباغية تقتله فقتله هؤلاء الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في حرب صفين
أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد السبعيني النيسابوري ثنا أبو العباس الأصم ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا شعبة عن خالد الحذاء عن سعيد بن أبي الحسن عن أمه عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار
تقتلك الفئة الباغية قال الأصم وحدثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا أبو داود ثنا شعبة عن خالد الحذاء عن الحسن بن أبي الحسن عن أمه أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
بن أبي الحسن الدارمي يقولون سمعنا أبا بكر محمد بن إسحاق يقول وهو ابن خزيمة رحمه الله خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاهم بالخلافة أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان ذو النورين ثم علي بن أبي طالب رحمة الله ورضوانه عليهم أجمعين قال وكل من نازع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في إمارته فهو باغ على هذا عهدت مشايخنا وبه قال ابن إدريس يعني الشافعي رحمه الله
قال الشيخ ثم لم يخرج من خرج عليه ببغيه عن الإسلام فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان تكون بينهما مقتلة عظيمة ودعواهما واحدة
أخبرنا أبو طاهر الفقيه أنا أبو بكر القطان ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره
قال الشيخ ويعني بقيام الساعة انقراض ذلك العصر والله أعلم وصحيح عن علي رضي الله عنه أنه قاتلهم قتال أهل العدل مع أهل البغي فكان أصحابه لا يجهزون على جريح ولا يقتلون موليا ولا يسلبون قتيلا
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بفرقة تكون بين طائفتين من أمته فتخرج من بينهما مارقة يقتلها أولى الطائفتين بالحق كانت هذه الفرقة بين علي ومن نازعه وقد جعلهما جميعا من أمته ثم خرجت هذه المارقة وهي أهل النهروان قتلهم علي وأصحابه وهم أولى الطائفتين بالحق
وكان النبي صلى الله عليه وسلم وصف المارقة الخارجة وأخبر بالمخدج الذي يكون فيهم فوجدوا بالصفة التي وصف ووجد المخدج بالنعت الذي نعت وذلك بين في حديث أبي سعيد الخدري وغيره
وكان إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ووجود تصديقه بعد وفاته من دلائل النبوة ومما يؤثر في فضائل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه في كونه محقا في قتالهم مصيبا في قتل من قتل منهم وحين وجد المخدج سجد علي رضي الله عنه شكرا لله تعالى على ما وفق له من قتالهم وقد ذكرنا هذه الأحاديث في الفضائل وهذا الكتاب لا يحتمل أكثر من هذا.
كتاب الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد
17 - قال أبو محمد (بن حزم) رحمه الله: وإنما قتل عمار رضي الله عنه أصحاب معاوية رضي الله عنه وكانوا متأولين تأويلهم فيه وإن أخطؤوا الحق مأجورون أجرا واحدا لقصدهم الخير. المحلى ج11/ص97
¥