تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا شك أن رد السنة الصحيحة بدعوى أنها تخالف القرآن أو السير المألوفة طريقة غير علمية ولا منضبطة؛ ولهذا جَرَّأَتْ قليلي البضاعة من العلم والموتورين إلى أن يتكلموا في دين الله، ومنهجُ العلماء الراسخين قبول الروايات الثابتة، وجمع النصوص الواردة في باب واحد، وبيان المطلق فيها والمقيد، والعام والخاص، والناسخ والمنسوخ. وكتبُ شروح الأحاديث الجارية على هذا متوافرة. ولله الحمد.

رابعاً: الطعن في الصحابة الكرام:

1 - وصف طه حسين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بالعصبية حينما أنكر على حسان بن ثابت - رضي الله عنه - إنشاد الشعر في المسجد، فقال حسان: إليك عني يا ابن الخطاب، فوَ اللهِ لقد كنت أنشد في هذا المكان وفيه من هو خير منك" فيفسرها طه حسين بأن الأنصار كانوا يعتزون بنصرهم للنبي صلى الله عليه وسلم وانتصافهم من قريش، وعمر كان قرشياً، تكره عصبيته أن تُزدرى قريش، وتذكر ما أصابها من هزيمة في غزوة بدر (21). وهذا كذب؛ إذ إن عمر - رضي الله عنه - كان صاحب الرأي القائل بقتل أسرى بدر، ونزل القرآن بموافقته.

2 - وتطاول على عثمان - رضي الله عنه - ووصمه بالظلم والطغيان وأنه ما زال يضرب ابن مسعود حتى كسر أضلاعه (22).

3 - وكذب على عائشة - رضي الله عنها - وزعم أنها وقفت على جملها يوم الجمل تخطب الناس وتحثهم على القتال بلسان زلق، ومنطق عذب، وحجة ظاهرة (23).

4 - ويتناول خالدَ بن الوليد - رضي الله عنه - من غير استحياء ويصفه بثلاث من البهتان: فخالد عنيف وفي سيفه رهق؛ لأنه يحب القتل، وخالد يحب التزوج، وخالد وعشيرته معروفون بالعُجْب والخيلاء (24).

5 - وشتم طه حسين معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - (25).

6 - جعل طه حسين حَبْرَ هذه الأمة عبدَ الله بن عباس (لصاً) يأخذ ما في بيت المال في البصرة ويهرب إلى الحجاز (26).

7 - وصف أصحاب الشورى الذين اجتمعوا ليختاروا خليفة المسلمين بعد عمر - رضي الله عنه - بإيثار الدنيا ومحبتها (27)، بل وصف بها جملة الصحابة الذين كانوا - كما زعم - ينافقون في عهد خلافة عمر - رضي الله عنه - وأنهم كانوا يظهرون شظف العيش إذا دخلوا عليه، وإذا خلوا إلى أنفسهم عادوا إلى لين الحياة (28).

وهذه التهم التي ألصقها طه حسين بالصحابة فرادى وجماعات هي حق البهتان العظيم الذي لا يمتري فيه أي مسلم.

وهذا البهتان جناية في حق التاريخ الإسلامي، بل في حق التاريخ الإنساني؛ إذ لا يُعرف جيل كجيل الصحابة في كمال الاستعدادات الفطرية ولا في تمام الصفات الخُلقية التي أهَّلتهم لاصطفاء الله لهم لحمل رسالته إلى العالمين، وليس وراء تهمة الصحابة ووصمهم بالشنائع إلا إسقاط محبتهم وتوقيرهم من النفوس، مما يؤدي إلى القدح في عدالتهم، ومن ثَمَّ رد مروياتهم عن النبي صلى الله عليه وسلم التي هي الدين. وقد تنبه علماء الأمة إلى هذه القضية منذ ظهورها عند بعض المبتدعة، فصنفوا في فضائل الصحابة، وفي حكم سبهم أو سب أحد منهم (29).

خامساً: ادعاءاته ضد نظام الخلافة:

1 - زعم أن نظام الخلافة ليس إلهياً "وأن الحكم أيام النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن شرعياً لا رأي للناس فيه؛ وإذا كان الأمر {كذلك} أيام النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يتنزل عليه الوحي فأحرى أن يكون الأمر كذلك أيام صاحبيه بعد أن تقطَّع عن الناس خبر السماء" (30).

2 - ونظام الحكم الإسلامي - عنده - يشبه إلى حد بعيد نظام الحكم الروماني أيام الجمهورية؛ فقد كان الرومانيون يختارون قناصلهم على نحو يوشك أن يشبه اختيار المسلمين لخلفائهم (31).

3 - وليؤكد أن نظام الخلافة ليس إلهياً، وإنما هو نظام إنساني تأثر بالدين، يذكر أنه قام على عنصرين (32):

الأول: عنصر معنوي وهو الدين؛ فالخليفة يصدر عن وحي أو شيء يشبه الوحي في كل ما يأتي وما يدع، وهو مقيد بما أمر الله به من إقامة الحق وإقرار العدل، وهذا العنصر تلاشى - كما يدعي - بمقتل عمر - رضي الله عنه -.

الثاني: الارستقراطية التي ائتلف منها هذا النظام، وقوامها: الاتصال بالنبي صلى الله عليه وسلم أيام حياته والإذعان لما كان يأمر به وينهى عنه في غير تردد؛ والبلاء في سبيله، واختُص بها الأقربون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم قريش.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير