وإنما بقي الكلام في نبوته المعبر عنها بولايته ورسالته واختلاف لأفضليته في أي نسبة فقال بعضهم إن ولايته أفضل لكون توجهه حينئذ إلى الحق بخلاف رسالته فإنه متوجه في حالته إلى الخلق وهذا التفصيل من هذه الحيثية في التفضيل لا بأس به عند أهل التحصيل إلا أنه يلزم منه أن يكون النبي الذي لم يؤمر بتبليغ الوحي إلى الخلق يكون أفضل وأكمل ممن أوحي إليه وأمر بتبليغ ما لديه وهو خلاف الإجماع اللهم إلا أن يقال المراد بيان أفضلية النسبتين المجموعتين في الرسول بطريق الانفراد فإن مرتبة جمع الجمع أكمل عند جميع العباد ولذا قال بعض العلماء إن مقام رسالة نبينا أفضل من مقام ولايته وإنما أدرجه المؤول وجعله من قبيل القول المشكل ليوهم العوام أن سائر الاعتراضات مثله في قبول التأويل المحتمل نعم ذكر بعضهم أن نهاية النبي بداية الولي وظاهره الكفر إلا أنه له تأويلا حسنا وتوجيها مستحسنا وهو أن الولي لا يصير وليا باهرا إلا إذا عمل بجميع ما أتى به النبي أولا وآخرا وظاهرا وباطنا) انتهى.
يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى ج4/ص171
هذا ابن عربي يصرح في فصوصه أن الولاية أعظم من النبوة بل أكمل من الرسالة ومن كلامه مقام النبوة في برزخ **فويق الرسول ودون الولي
وبعض أصحابه يتأول ذلك بأن ولاية النبي أفضل من نبوته وكذلك ولاية الرسول أفضل من رسالته أو يجعلون ولايته حاله مع الله ورسالته حاله مع الخلق وهذا من بليغ الجهل
فإن الرسول إذا خاطب الخلق وبلغهم الرسالة لم يفارق الولاية بل هو ولي الله في تلك الحال كما هو ولي الله في سائر أحواله فإنه ولي الله ليس عدوا له في شيء من أحواله وليس حاله في تبليغ الرسالة دون حاله إذا صلى ودعا الله وناجاه
وأيضا فما يقول هذا المتكلف في قول هذا المعظم إن النبي صلى الله عليه وسلم لبنة من فضة وهو لبنتان من ذهب وفضة ويزعم أن لبنة محمد هي العلم الظاهر ولبنتاه الذهب علم الباطن والفضة علم الظاهر وأنه يتلقى ذلك بلا واسطة ويصرح في فصوصه أن رتبة الولاية أعظم من رتبة النبوة لأن الولي يأخذ بلا واسطة والنبي بواسطة فالفضيلة التي زعم أنه امتاز بها على النبي أعظم عنده مما شاركه فيه
وبالجملة فهو لم يتبع النبي في شيء فإنه أخذ بزعمه عن الله ما هو متابعة فيه في الظاهر كما يوافق المجتهد المجتهد والرسول الرسول فليس عنده من اتباع الرسول والتلقي عنه شيء أصلا لا في الحقائق الخبرية ولا في الحقائق الشرعية
وأيضا فإنه لم يرض أن يكون معه كموسى مع عيسى وكالعالم مع العالم في الشرع الذي وافقه فيه بل ادعى أنه يأخذ ما أقره عليه من الشرع من الله في الباطن فيكون أخذه للشرع عن الله أعظم من أخذ الرسول
وأما ما ادعى امتيازه به عنه وافتقار الرسول إليه وهو موضع اللبنة الذهبية فزعم أنه يأخذه عن المعدن الذي يأخذ منه الملك الذي يوحى به إلى الرسول
فهذا كما ترى في حال هذا الرجل وتعظيم بعض المتأخرين له
وصرح الغزالي بأن قتل من ادعى أن رتبة الولاية أعلى من رتبة النبوة أحب إليه من قتل مائة كافر لأن ضرر هذا في الدين أعظم
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[26 - 05 - 05, 04:47 م]ـ
وإضافة إلى ما سبق من بيان فضل الله وهبته لعباده وأنها أفضل من كسب الإنسان لنفسه فقد جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ليس أحد منكم بنجيه عمله) قالوا ولا أنت؟ يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بمغفرة ورحمة
فأين كسب الإنسان من فضل الله ورحمته وإحسانه.
{وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} (55) سورة الإسراء
{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (33) سورة آل عمران
{قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} (59) سورة النمل
{لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَّاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} (4) سورة الزمر
{اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} (75) سورة الحج
ـ[طارق الحربي]ــــــــ[28 - 05 - 05, 10:19 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إخوتي الكرام
إن نفي ضلالات المبتدعة على علو مكانته في الذب عن الدين كما في حديث يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله 0000 الحديث ربما كان من فقه إعماله أن لايبادر أهل السنة بالتحريفات والانتحالات والتأويلات ثم ينفونها.
فإن كثيرا من مباحث الصفات والقدر وأسماء الدين والايمان والصحابة والوعد والوعيد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتنازع الناس في بعض ذلك ماكان لأئمة أهل السنة الخوض فيها لولا أن المبتدعة اضطروهم في ذلك والا فإن العلم نقطة كثرها الجهلاء كما المروي عن علي رضي الله عنه.
وعليه فإن مبحث الكسبي والوهبي أو المكتسب والموهوب يدخل في هذا الباب.
من أول من أطلق هذا؟
ثم عند التأمل فإن المكتسب في حقيقته هو من فضل الله تعالى وهبته ورحمته أن هدى هذا المكلف لتلك الحال أو هذا العمل والآيات والأحاديث في ذلك متصلة متضافرة مثل:
(ولكن الله يمن على من يشاء من عباده)
(بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صادقين) فإيماننا الذي نظن أنه من كسبنا هو في حقيقته منة وهبة من الله تعالى.
ثم في حديث إن فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله .... الحلم والأناة .. قال أهما خصلتان أتخلق بهما أم قد جبلني الله عليهما قال بل جبلك الله عليهما قال رضي الله عنه الحمد لله الذي جبلني على مايحب الله ورسوله كما في الحديث ولم يكن عند الصحابة رضي الله عنهم ذلك التمحل والتكلف فيسأل وأيهما أفضل أن أتصف بخلق جبلي وهبي أم أتصف بخلق تصنعي كسبي.
اللهم زدنا علما وهدى وتقى وخشية.
¥