تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المسيطير]ــــــــ[04 - 08 - 05, 07:10 م]ـ

بابٌ من الشِّركِ الاستِعَاذَةُ بِغَيْرِ الله

المتن:" وقول الله تعالى: (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) [الجن: 6].

قوله: (يعوذون)، الجملة خبر كان، ويقال: عاذ به ولاذ به.

- فالعياذ مما يخاف.

- واللياذ فيما يؤمل.

وعليه قول الشاعر يخاطب ممدوحة، ولا يصلح ما قاله إلا لله:

يا من ألوذ به فيما أأمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره

لا يجبر الناس عظماً أنت كاسره ... ولا يهيضون عظماً أنت جابره

(ج1/ 250)

----

المتن:" وعن خولة بنت حكيم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من نزل منزلاً، فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرحل من منزله ذلك" رواه مسلم.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

قوله: "التامات"، تمام الكلام بأمرين:

1 - الصدق في الأخبار.

2 - العدل في الأحكام.

قال الله تعالى: (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً) [الأنعام: 115].

(ج1/ 253)

----

قوله: "من شر ما خلق"، أي: من شر الذي خلق، لأن الله خلق كل شيء: الخير والشر، ولكن الشر لا ينسب إليه، لأنه خلق الشر لحكمة، فعاد بهذه الحكمة خيرا ً، فكان خيراً.

وليس كل ما خلق الله فيه شر، لكن تستعيذ من شره إن كان فيه شر.

لأن مخلوقات الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام هي:

1 - شر محض، كالنار وإبليس باعتبار ذاتيهما، أما باعتبار الحكمة التي خلقهما الله من أجلها، فهي خير.

2 - خير محض، كالجنة، والرسل، والملائكة.

3 - فيه شر وخير، كالإنس، والجن، والحيوان.

وأنت إنما تستعيذ من شر ما فيه شر.

(ج1/ 253 - 254)

----

وفي الحديث: "أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر"، وهنا استعاذ بعزة الله وقدرته، ولم يستعذ بالله، والعزة والقدرة من صفات الله، وهي ليست مخلوقة.

ولهذا يجوز القسم بالله وبصفاته، لأنها غير مخلوقة.

أما القسم بالآيات:

- فإن أراد الآيات الشرعية، فجائز.

- وإن أراد الآيات الكونية، فغير جائز.

(ج1/ 255)

----

أما الاستعاذة بالمخلوق، ففيها تفصيل:

- فإن كان المخلوق لا يقدر عليه، فهي من الشرك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "لا يجوز الاستعاذة بالمخلوق عند أحد من الأئمة"، وهذا ليس على إطلاقه، بل مرادهم مما لا يقدر عليه إلا الله، لأنه لا يعصمك من الشر الذي لا يقدر عليه إلا الله، سوى الله.

ومن ذلك أيضاً الاستعاذة بأصحاب القبور، فإنهم لا ينفعون ولا يضرون، فالاستعاذة بهم شرك أكبر، سواء كان عند قبورهم أم بعيداً عنهم.

أما الاستعاذة بمخلوق فيما يقدر عليه، فهي جائزة، وقد أشار إلى ذلك الشارح الشيخ سليمان في "تيسير العزيز الحميد"، وهو مقتضى الأحاديث الواردة في "صحيح مسلم":

- لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الفتن، قال: "فمن وجد من ذلك ملجأ، فليعذ به".

- وكذلك قصة المرأة التي عاذت بأم سلمة.

- والغلام الذي عاذ بالنبي صلى الله عليه وسلم.

- وكذلك في قصة الذين يستعيذون بالحرم والكعبة، وما أشبه ذلك. وهذا هو مقتضى النظر، فإذا اعترضني قطاع طريق، فعذت بإنسان يستطيع أن يخلصني منهم، فلا شيء فيه.

لكن تعليق القلب بالمخلوق لا شك أنه من الشرك، فإذا علقت قلبك ورجاءك وخوفك وجميع أمورك بشخص معين، وجعلته ملجأ، فهذا شرك، لأن هذا لا يكون إلا لله. (ج1/ 255)

ـ[المسيطير]ــــــــ[05 - 08 - 05, 10:11 م]ـ

بابٌ مِنَ الشِّركِ أنْ يَسْتَغِيثَ بغَيرِ اللهِ أوْ يدْعُو غَيْرَهُ

قوله: "من الشرك"، من: للتبعيض، فيدل على أن الشرك ليس مختصاً بهذا الأمر.

والاستغاثة: طلب الغوث، وهو إزالة الشدة.

وكلام المؤلف رحمه الله ليس على إطلاقه:

1 - بل يقيد بما لا يقدر عليه المستغاث به، إما لكونه ميتاً، أو غائباً، أو يكون الشيء مما لا يقدر على إزالته إلا الله تعالى، فلو استغاث بميت ليدافع عنه أو بغائب أو بحي حاضر لينزل المطر فهذا كله من الشرك.

2 - ولو استغاث بحي حاضر فيما يقدر عليه كان جائزاً، قال الله تعالى: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه) [القصص: 15].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير