تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[المسيطير]ــــــــ[13 - 08 - 05, 02:08 ص]ـ

بابٌ ما جَاءَ أنَّ سَبَبَ كُفْرِ بَنِي آدَمَ وَتَرْكِهمْ دِينَهُمْ هُوَ الغُلُوُّ فِي الصَّالِحينَ

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

قوله: "هو الغلو"، والغلو: هو مجاوزة الحد في الثناء مدحاً أو قدحاً.

(ج1/ 362)

----

واعلم أن الحقوق ثلاثة أقسام، وهي:

الأول: حق لله لا يشرك فيه غيره: لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وهو ما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات. الثاني: حق خاص للرسل، وهو إعانتهم وتوقيرهم وتبجيلهم بما يستحقون.

الثالث: حق مشترك، وهو الإيمان بالله ورسله، وهذه الحقوق موجودة في الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: (لتؤمنوا بالله ورسوله)، فهذا حق مشترك، (وتعزروه وتوقروه) هذا خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم، (وتسبحوه بكرة وأصيلاً) [الفتح: 9] هذا خاص بالله - سبحانه وتعالى -.

والذين يغلون في الرسول صلى الله عليه وسلم يجعلون حق الله له، فيقولون: (وتسبحوه)، أي: الرسول، فيسبحون الرسول كما يسبحون الله، ولا شك أنه شرك، لأن التسبيح من حقوق الله الخاصة به، بخلاف الإيمان، فهو من الحقوق المشتركة بين الله ورسوله. (ج1/ 371)

----

أقسام الناس في العبادة:

والناس في العبادة طرفان ووسط:

1 - فمنهم المفرط.

2 - ومنهم المفرط.

3 - ومنهم المتوسط.

فدين الله بين الغالي فيه والجافي عنه، وكون الإنسان معتدلاً لا يميل إلى هذا ولا إلى هذا هذا هو الواجب، فلا يجوز التشدد في الدين والمبالغة، ولا التهاون وعدم المبالاة، بل كن وسطاً بين هذا وهذا.

والغلو له أقسام كثيرة، منها:

- الغلو في العقيدة.

- الغلو في العبادة.

- الغلو في المعاملة.

- الغلو في العادات.

والأمثلة عليها كما يلي:

1 - أما الغلو في العقيدة: فمثل ما تشدق فيه أهل الكلام بالنسبة لإثبات الصفات، فإن أهل الكلام تشدقوا وتعمقوا حتى وصلوا إلى الهلاك قطعاً، حتى أدى بهم هذا التعمق إلى واحد من أمرين:

- إما التمثيل.

- أو التعطيل.

إما أنهم مثلوا الله بخلقه، فقالوا: هذا معنى إثبات الصفات، فغلوا في الإثبات حتى أثبتوا ما نفى الله عن نفسه.

أو عطلوه وقالوا: هذا معنى تنزيهه عن مشابهة المخلوقات، وزعموا أن إثبات الصفات تشبيه، فنفوا ما أثبته الله لنفسه.

لكن الأمة الوسط اقتصدت في ذلك، فلم تتعمق في الإثبات ولا في النفي والتنزيه، فأخذوا بظواهر اللفظ، وقالوا: ليس لنا أن نزيد على ذلك، فلم يهلكوا، بل كانوا على الصراط المستقيم.

2 - أما الغلو في العبادات:

- فهو التشدد فيها، بحيث يرى أن الإخلال بشيء منها كفر وخروج عن الإسلام، كغلو الخوارج والمعتزلة، حيث قالوا: إن من فعل كبيرة من الكبائر، فهو خارج عن الإسلام وحل دمه وماله، وأباحوا الخروج على الأئمة وسفك الدماء، وكذا المعتزلة، حيث قالوا: من فعل كبيرة، فهو بمنزلة بين المنزلتين: الإيمان والكفر، فهذا تشدد أدى إلى الهلاك.

- وهذا التشدد قابله تساهل المرجئة، فقالوا: إن القتل والزنا والسرقة وشرب الخمر ونحوها من الكبائر، لا تخرج من الإيمان، ولا تنقص من الإيمان شيئاً، وإنه يكفي في الإيمان الإقرار، وإن إيمان فاعل الكبيرة كإيمان جبريل ورسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لا يختلف الناس في الإيمان، وهؤلاء في الحقيقة يصلحون لكثير من الناس في هذا الزمان، ولا شك أن هذا تطرف بالتساهل، والأول تطرف بالتشدد.

- ومذهب أهل السنة أن الإيمان يزيد وينقص، وفاعل المعصية ناقص الإيمان بقدر معصيته، ولا يخرج من الإيمان إلا بما برهنت النصوص على أنه كفر.

3 - وأما الغلو في المعاملات:

- فهو التشدد في الأمور بتحريم كل شيء حتى ولو كان وسيلة، وأنه لا يجوز للإنسان أن يزيد عن واجبات حياته الضرورية، وهذا مسلك سلكه الصوفية، حيث قالوا: من اشتغل بالدنيا، فهو غير مريد للآخرة، وقالوا: لا يجوز أن تشتري ما زاد على حاجتك الضرورية، وما أشبه ذلك.

- وقابل هذا التشدد تساهل من قال: يحل كل شيء ينمي المال ويقوي الاقتصاد، حتى الربا والغش وغير ذلك. فهؤلاء - والعياذ بالله - متطرفون بالتساهل، فتجده يكذب في ثمنها وفي وصفها وفي كل شيء لأجل أن يكسب فلساً أو فلسين، وهذا لا شك أنه تطرف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير