تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الكهان: جمع كاهن، والكهنة أيضاً جمع كاهن، وهم قوم يكونون في أحياء العرب يتحاكم الناس إليهم، وتتصل بهم الشياطين، وتخبرهم عما كان في السماء، تسترق السمع من السماء، وتخبر الكاهن به، ثم الكاهن يضيف إلى هذا الخبر ما يضيف من الأخبار الكاذبة، ويخبر الناس، فإذا وقع مما أخبر به شيء، اعتقده الناس عالماً بالغيب، فصاروا يتحاكمون إليهم، فهم مرجع للناس في الحكم، ولهذا يسمون الكهنة، إذ هم يخبرون عن الأمور في المستقبل، يقولون: سيقع كذا وسيقع كذا.

- وليس من الكهانة في شيء من يخبر عن أمور تدرك بالحساب، فإن الأمور التي تدرك بالحساب ليست من الكهانة في شيء، كما لو أخبر عن كسوف الشمس أو خسوف القمر، فهذا ليس من الكهانة، لأنه يدرك بالحساب، وكما لو أخبر أن الشمس تغرب في 20 من برج الميزان مثلاً في الساعة كذا وكذا، فهذا ليس من علم الغيب، وكما يقولون: إنه سيخرج في أول العام أو العام الذي بعده مذنب (هلي)، وهو نجم له ذنب طويل، فهذا ليس من الكهانة في شيء، لأنه من الأمور التي تدرك بالحساب، فكل شيء يدرك بالحساب، فإن الإخبار عنه ولو كان مستقبلاً لا يعتبر من علم الغيب، ولا من الكهانة.

(ج1/ 531)

---

قوله: "فسأله، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً". ظاهر الحديث أن مجرد سؤاله يوجب عدم قبول صلاته أربعين يوماً، ولكنه ليس على إطلاقه، فسؤال العراف ونحوه ينقسم إلى أقسام:

القسم الأول: أن يسأله سؤالاً مجرداً، فهذا حرام لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى عرافاً ... "، فإثبات العقوبة على سؤاله يدل على تحريمه، إذ لا عقوبة إلا على فعل محرم.

القسم الثاني: أن يسأله فيصدقه، ويعتبر قوله: فهذا كفر لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن، حيث قال تعالى: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله) [النمل: 65].

القسم الثالث: أن يسأله ليختبره: هل هو صادق أو كاذب، لا لأجل أن يأخذ بقوله، فهذا لا بأس به، ولا يدخل في الحديث. وقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ابن صياد، فقال: "ماذا خبأت لك؟ قال: الدخ، فقال: اخسأ، فلن تعدو قدرك"، فالنبي صلى الله عليه وسلم سأله عن شيء أضمره، لأجل أن يختبره، فأخبره به.

القسم الرابع: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، فيمتحنه في أمور يتبين بها كذبه وعجزه، وهذا مطلوب، وقد يكون واجباً. وإبطال قول الكهنة لا شك أنه أمر مطلوب، وقد يكون واجباً، فصار السؤال هنا ليس على إطلاقه، بل يفصل فيه هذا التفصيل على حسب ما دلت عليه الأدلة الشرعية الأخرى.

(ج1/ 533)

----

قوله: "لم تقبل له صلاة أربعين ليلة". نفي القبول هنا هل يلزم منه نفي الصحة أولا؟ نقول:

نفي القبول:

- إما أن يكون لفوات شرط.

- أو لوجود مانع.

ففي هاتين الحالين يكون نفي القبول نفياً للصحة، كما لو قلت: من صلى بغير وضوء لم يقبل الله صلاته، ومن صلى في مكان مغصوب لم يقبل الله صلاته عند من يرى ذلك.

وإن كان نفي القبول لا يتعلق بفوات شرط ولا وجود مانع، فلا يلزم من نفي القبول نفي الصحة، وإنما يكون المراد بالقبول المنفي:

- إما نفي القبول التام، أي: لم تقبل على وجه التمام الذي يحصل به تمام الرضا وتمام المثوبة.

- وإما أن يراد به أن هذه السيئة التي فعلها تقابل تلك الحسنة في الميزان، فتسقطها، ويكون وزرها موازياً لأجر تلك الحسنة، وإذا لم يكن له أجر صارت كأنها غير مقبولة، وإن كانت مجزئة ومبرئة للذمة، لكن الثواب الذي حصل بها قوبل بالسيئة فأسقطته. ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: "من شرب الخمر، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً".

(ج1/ 535)

----

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن استخدام الإنس للجن له ثلاث حالات:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير