وقال أبو زرعة عبدالرحمن بن زنجلة في كتابه ((حجة القراءات)) (ص 606): ((قرأ حمزة والكسائي: ?بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ?؛ بضم التاء، وقرأ الباقون بفتح التاء 000))، ثم قال: ((قال أبو عبيد: قوله: ?بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ?؛ بالنصب: بل عجِبت يا محمد من جهلهم وتكذيبهم وهم يسخرون منك، ومن قرأ: ?عَجِبْتُ?؛ فهو إخبار عن الله عَزَّ وجلَّ)) اهـ.
وقد صحت القراءة بالضم عن ابن مسعود رضي الله عنه كما سيأتي.
2 - وقوله تعالى: ?وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولهمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ? [الرعد: 5].
نقل ابن جرير في ((تفسير)) هذه الآية بإسناده إلى قتادة قوله: ((قوله: ?وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ?: إن عجِبت يا محمد؛ فعََجَبٌ ?قولهمْ أَءِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ?: عجِب الرحمن تبارك وتعالى من تكذيبهم بالبعث بعد الموت))
قال ابن زنجلة في ((حجة القراءت)) (ص 607) بعد ذكر قراءة ?بَلْ عَجِبْتُ? بالضم: ((قال أبو عبيد: والشاهد لها مع هذه الأخبار قوله تعالى: ?وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولهمْ?، فأخبر جل جلاله أنه عجيب)).
• الدليل من السنة:
1 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((لقد عَجِبَ الله عَزَّ وجلَّ (أو: ضحك) من فلان وفلانة)). رواه البخاري (4889)، ومسلم (2054) بلفظ: ((قد عَجِب الله من صنيعكما بضيفكما الليلة)).
2 - حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((عَجِبَ الله من قوم يدخلون الجنة
في السلاسل)). رواه البخاري (3010)
3 - روى الحاكم في ((المستدرك)) (2/ 430)، ومن طريقه البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (2/ 225)؛ بسند صحيح عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة؛ قال: ((قرأ عبد الله (يعني: ابن مسعود) رضي الله عنه: ?بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ?؛ قال شريح: إنَّ الله لا يعجب من شيء، إنما يعجب من لا يعلم. قال الأعمش: فذكرت لإبراهيم، فقال: إنَّ شريحاً كان يعجبه رأيه، إنَّ عبدالله كان أعلم من شريح، وكان عبد الله يقرأها: ?بَلْ عَجِبْتُ?)). قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي)).
قال أبو يعلى الفراء في ((إبطال التأويلات)) (ص 245) بعد أن ذكر ثلاثة أحاديث في إثبات صفة العَجَب: ((اعلم أنَّ الكلام في هذا الحديث (يعني: الثالث) كالكلام في الذي قبله، وأنه لا يمتنع إطلاق ذلك عليه وحمله على ظاهره؛ إذ ليس في ذلك ما يحيل صفاته، ولا يخرجها عما تستحقه؛ لأنا لا نثبت عَجَبَاً هو تعظيم لأمر دَهَمَه استعظمه لم يكن عالماً به؛ لأنه مما لا يليق بصفاته، بل نثبت ذلك صفة كما أثبتنا غيرها من صفاته)).
وقال قوَّام السُّنَّة الأصبهاني في (الحجة)) (2/ 457): ((وقال قوم: لا يوصف الله بأنه يَعْجَبُ؛ لأن العَجَب ممَّن يعلم ما لم يكن يعلم، واحتج مثبت هذه الصفة بالحديث، وبقراءة أهل الكوفة: ?بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ?؛ على أنه إخبار من الله عَزَّ وجلَّ عن نفسه)).
وقال ابن أبي عاصم في ((السنة)) (1/ 249): ((باب: في تَعَجُّبِ ربنا من
بعض ما يصنع عباده مما يتقرب به إليه))، ثم سرد جملة من الأحاديث التي تثبت هذه الصفة لله عَزَّ وجلَّ.
وانظر إن شئت: ((مجموع الفتاوى)) لشيخ الإسلام ابن تيمية (4/ 181، 6/ 123و124) ".
ـ[هيثم حمدان]ــــــــ[10 - 07 - 05, 05:16 م]ـ
اللهم بارك في الشيخ حارث همام واحفظه وأحسن إليه. وبارك اللهم في أبي ندى فإن حسن السؤال نصف العلم.
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[10 - 07 - 05, 08:35 م]ـ
ما رأيكم حفظكم الله؟
يراجع: معجم المناهي اللفظية، فتاوى ابن عثيمين (ما رأي الدين في كذا، ... ).
تنبيه: الأسماء والصفات من أصول الدين.
ـ[عبد السلام بن محمد - أبو ندى]ــــــــ[11 - 07 - 05, 10:41 ص]ـ
أحسن الله إليك شيخنا الفاضل حارث همام
وجزيت خيرا يا شيخ هيثم على حسن الثناء 0
وبارك الله فيك يا شيخ أشرف , وما زلتُ أستفيد منك الفائدة تلو الأخرى
ولو زدتني إيضاحا لتمّ - إن شاء الله- لك الأجر0
ـ[أشرف بن محمد]ــــــــ[11 - 07 - 05, 12:10 م]ـ
جزاك الله خيراً.
-------
جاء في معجم المناهي اللفظية:
وهكذا من المصطلحات المولدة الفاسدة:
¥