تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ و أما إذا اقترن لفظ "الإيمان " بالأعمال الصالحة كما في قوله تعالى " إن الذين آمنوا وعملوا، الصالحات" وقوله تعالى "وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار" (12)، وقوله تعالى "ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئِك لهم الدرجات العُلىَ" (13)، فهذا لا يدل على إخراج العمل عن مسمى الإيمان لما تقتضيه واو العطف من المشاركة والمغايرة في الغالب، وإنما قد يكون من باب عطف الخاص على العام، فيكون المعطوف حال الاقتران داخلا في مسمى المعطوف عليه، كقوله تعالى "من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين" (14)

وقوله تعالى" وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم" (15)،

وقوله تعالى" وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" (16).

وإن سلمنا بالمغايرة في مثل هذه الآيات فيكون المراد أن الأعمال تلازم الإيمان ملازمة المعطوف للمعطوف عليه في الحكم، والحكم هنا هو دخول الجنة، فلم يجعل الله تعالى ثواب الجنة في هذه الآيات إلا لمن أتى بالإيمان ضامّا إليه العمل الصالح، ويتضح ذلك جليا في قوله تعالى:"من يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما" (17)،

وقوله "ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العُلى" (18)، أي أن الإيمان هنا هو الإيمان الباطن أي تصديق القلب وانقياده وهو الأصل، وأن قول اللسان وعمل الجوارح ظاهرُه، وكلا القولين المُصَدّرين ب "قد" صحيح محتمل مسقط لاستدلال من استدل بهذه الآيات على إخراج العمل عن مسمى الإيمان فتدَبّر،

والله تعالى أعلم

- خلاصة:

نستخلص مما مضى أن ما كان عليه السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان أن الإيمان على الإجمال قول وعمل، وعلى التفصيل قول القلب وعمل القلب، وقول اللسان وعمل الجوارح.

فقول القلب تصديق جازم لا يقبل النقض ولا التحول بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره وبكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

وعمل القلب الذي هو حب الله ورسوله، مع التعزير والتوقير، والخوف من الله ورجاؤه، والأمل فيه والرضى بقدره، والحياء منه وحسن الظن به والموالاة فيه والمعاداة من أجله؛ وغير ذلك من أحوال القلوب.

وقول اللسان هو النطق بكلمة التوحيد وشقيقتها، وذكر الله بما هو أهله والصلاة على رسوله وتلاوة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح ذات البين وغير ذلك مما لا يحصى.

وعمل الجوارح وهو الصلاة والزكاة والصيام والحج و الجهاد والسعي في قضاء حاجة الغير، وتكثير الخطى إلى المساجد، ويدخل فيه كل ما أمر به العبد ونهي عنه.

**********************************

(1) سبق تخريجه.

(2) مجموع الفتاوى ج7 ص 179

(3) نفس المصدر ج7 ص642

(4) البخاري (فتح الباري) في المظالم: ج5 ص150، في الحدود: ج12 ص69، و 96،و 136، وفي الأشربة: ج10 ص37 عن ابن عباس وأبي هريرة.

(5) شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد ص36

(6) نفس المصدر ج7 ص259، 260؛ وذكر نحو هذا الكلام ابن أبي العز الحنفي ولم يعزه لصاحبه، قارن بشرح الطحاوية ج2 ص488، 489

(7) سورة يونس الآية 2

(8) سورة الحديد الآية 21

(9) سورة آل عمران 85

(10) شرح الطحاوية ج2 ص489، 490

(11) رواه الإمام أحمد في المسند (3/ 135)، ورواه بان أبي شيبة في الإيمان ص5 من مجموع الرسائل الأربعة من طريق علي بن مسعدة عن قتادة عن أنس وقد ضعفه البخاري و النسائي وأبو داود، تهذيب الكمال (5/ 300 طبعة مكتبة الرسالة)، ميزان الإعتدال (3/ 156)، وقال في التقريب (1/ 703):صدوق له أوهام، حتى وإن كان ثقة فهو ليس من أصحاب فتادة وقد تفرد بهذا الحديث عنه من بين سائر أصحابه الحفاظ، وهذه نكارة عند المتقدمين. وقد ضرب البرديجي هذا الحديث مثالا بالرواة عن قتادة، انظر شرح علل الترمذي لابن رجب ص 32، 34، 69، 78، 119،) وقد أنكر هذا الحديث ابن عدي وعبد الحق الإشبيلي، وابن حبان. ولكن متنه صحيح قال العجلوني في كشف الخفا (1/ 23): (لكن معناه صحيح جرى عليه المحدثون حتى قال البخاري: كتبت عن ألف شيخ وثمانين ليس فيهم إلا صاحب حديث كلهم يقولون الإيمان قول وعمل، يزيد وينقص). اهـ

(12) البقرة /25

(13) طه/ 75

(14) البقرة /98

(15) الأحزاب /7

(16) البقرة /238

(17) طه / 112

(18) طه /75

ـ[أبو إسحاق الباجوري]ــــــــ[26 - 11 - 05, 07:04 م]ـ

بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين معهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك وكرمك ومنك يأرحم الراحمين .... وبعد

جزا الله الأخوة خير الجزاء ولكن رحمكم الله نريد نقولات للأئمة عن ركنية العمل في الإيمان هل هو على الكمال أم أنه على شرط الصحة بمعنى هل من أقر ونطق ولم يعمل عملا قط هل يدخل في دائرة الإسلام أم لا؟

وجزاكم الله خيرا

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير