[القول في المصاحف وجمع القرءان فيها، من الأرجوزة المنبهة للإمام أبي عمرو الداني]
ـ[عمر الإمبابي]ــــــــ[06 - 11 - 06, 01:45 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
قال الإمام أبو عمرو الداني - رحمه الله -:
القَوْلُ فِي المَصَاحِفِ وَجَمْعِ القُرْءَانِ فِيهَا
وَاصْغَ إلى قَوْلِيَّ فِي المَصَاحِفِ ... وَمَا أَنُصُهُ عَنْ الأسَالِفِ
مِنْ شَأنِهَا فِي زَمَنِ الصِّدِّيقِ ... وَالمُرْتَضَى عُثْمَانَ ذِي التَوْفِيقِ
لَمَّا تُوُّفِيَّ رَسُولُ اللَّهِ ... صَلَى عَلَيهِ دَائِمَاً إلَهِي
وَوَلِيَّ الصِّدِّيقُ أمْرَ الأُمَّه ... مِنْ بَعْدِ مَا جَرَتْ أُمُورٌ جَمَّه
ارْتَدَّتْ الاعْرَابُ فِي البُلْدَانِ ... وَأعْلَنَتْ بِطَاعَةِ الشَّيْطَانِ
وَمَنَعَتْ فَرِيضَةَ الزَّكَاةِ ... وَفَرْضُهَا قُرِنَ بِالصَّلاةِ
رَأى خَلِيفَةُ النَّبِيِّ المُصْطَفَى ... جِهَادَهُم فَرِيضَةً وَشَرَفَا
فَجَيَّشَ الجُيُوشَ وَالعَسَاكِرَ ... نَحْوَهُمو وَوَجَّهَ الأَكَابِرَ
مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ ... مُرْتَجِياً لِنُصْرَةِ القَهَّارِ
فَحَقَقَ الإلَهُ مَا رَجَاهُ ... وَرَضِيَ الرَأيَ الَّذِي رَءَاهُ
وَأُيِّدَ الجَيْشُ الَّذِي أعَدَّه ... فَقَاتَلُوا وَأََسَرُوا المُرْتَدَّه
وَلَجَأَ البَعْضُ إلى الحُصُونِ ... وَصَالَحُوا عَلَى التِزَامِ الدِّينِ
وَذَاكَ بَعْدَ مِحْنَةٍ وَشِدَّه ... جَرَتْ عَلَى الصَّحْبِ مِنَ اهْلِ الرِدَّه
وَاسْتُشْهِدَ القَرَأَةُ الأَكَابِرُ ... يَوْمَ إذِنْ هُنَاكَ وَالمَشَاهِرُ
وَوَصَلَ الأمْرُ إلى الصِّدِّيقِ ... فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى التَوْفِيقِ
وَقَالَ عِنْدَ ذَلِكَ الفَارُوقُ ... مَقَالَةً أيَّدَهَا التَوْفِيقُ
إنِّي أرَى القَتْلَ قَدْ اسْتَحَرَّ ... بِحَامِلِ القُرْءَانِ وَاسْتَمَرَّ
وَرُبَّمَا قَدْ دَارَ مِثْلُ ذَاكَ ... عَلَيهِمو فَعُدِمُوا بِذَاكَ
فَاسْتَدْرِكْ الأمْرَ وَمَا قَدْ كَانَ ... وَاعْمَل عَلَى أنْ تَجْمَعَ القُرْءَانَ
وَرَاجَعَ الصِّدِّيقَ غَيْرَ مَرَّه ... فَشَرَحَ اللَّهُ لِذَاكَ صَدْرَه
فَقَالَ لابْنِ ثَابِتٍ إذْ ذَاكَ ... إنِّي لِهَذَا الأمْرِ قَدْ أرَاكَ
قَدْ كُنْتَ بِالغَدَاةِ والعَشِيِّ ... تَكْتُبُ وَحْيَ اللَّهِ لِلنَّبِيِّ
فَأنْتَ عِنْدَنَا مِنَ السُّبَّاقٍ ... فَاجْمَعْ كِتَابَ اللهِ فِي الأَوْرَاقِ
فَفَعَلَ الَّذِي بِهِ قَدْ أَمَرَه ... مُعْتَمِداً عَلَى الَّذِي قَدْ ذَكَرَه
وَجَمَعَ القُرْءَانَ فِي الصَّحَائِفِ ... وَلَمْ يُمَيْزْ أَحْرُفَ التَخَالُفِ
بَلْ رَسَمَ السَّبْعَ مِنَ اللُّغَاتِ ... وَكُلَّ مَا صَحَّ مِنَ القِرَاتِ
فَكَانَتْ الصُّحُفُ فِي حَيَاتِه ... عِنْدَ أبِي بَكْرٍ إلى مَمَاتِه
ثُمَّةَ عِنْدَ عُمَرَ الفَارُوقِ ... حِينَ انْقَضَتْ خِلافَةُ الصِّدِّيقِ
ثُمَّةَ صَارَتْ بَعْدُ عِنْدَ حَفْصَه ... لَمَّا تُوُّفِيَّ كَمَا فِي القِصَّه
وَوَلِيَّ النَّاسَ الرِضَا عُثْمَانُ ... وَبَايَعَ الكُلُّ لَهُ وَدَانُوا
فَحَضَّهُم مَعَاً عَلَى الجِهَادِ ... فَانْبَعَثَ القَوْمُ عَلَى مِيعَادِ
وَقَصَدُوا مُصَحِّحِينَ النِيَّه ... نَحْوَ أَذْرَبِيجَانَ وَإرْمِينِيَّه
فَاجْتَمَعَ الشَّامِيُّ وَالعِرَاقِي ... فِي ذَلِكَ الغَزْوِ عَلَى وِفَاقِ
فَسَمِعَ البَعْضُ قِرَاةَ البَعْضِ ... فَقَابَلُوا قِرَاتَهُم بِالنَّقْضِ
وَاخْتَلَفُوا فِي أَحْرُفِ التِّلاوَه ... حَتَى بَدَتْ بَيْنَهُمو العَدَاوَه
وَوَصَلَ الأمْرُ إلى عُثْمَانِ ... أَخْبَرَهُ حُذَيْفَةٌ بِالشَانِ
وَمَا جَرَى بَيْنَهُمو هُنَاكَ ... وَمَا رَأى مِنْ أَمْرِهِم فِي ذَاكَ
وَقَالَ هَذَا الأَمْرُ فَادَّرِكْهُ ... فَهُوَ مُعْضِلٌ فَلا تَتْرُكْهُ
فَجَمَعَ الإمَامُ مَنْ فِي الدَّارِ ... مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ
وَقَالَ قَدْ رَأَيْتُ أَمْرَاً فِيهِ ... مَصْلَحَةٌ وَهُوَ مَا أَحْكِيهِ
رَأَيْتُ أنْ أَجْمَعَ هَذِهِ الصُّحُفْ ... فِي مُصْحَفٍ بِصُورَةٍ لا تَخْتَلِفْ
أُدْخِلْهُمَا بَيْنَ دَفَّتَيْنِ ... فَصَوَّبَ الكُلُّ لِذِي النُّورَيْنِ
مَقَالَهُ وَمَا رَأى مِنْ ذَاكَ ... وَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفٌ هُنَاكَ
¥