تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[نضال مشهود]ــــــــ[18 - 01 - 08, 09:42 م]ـ

وعليكم السلام - أخي الكريم - ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى أتباعه جميعا إلى يوم الدين.

علمتَ فيما تقدم - بارك الله فيك - أن الكلام الذي انتقدتَه في أول تعليق لك عليّ هو كلام شيخ السلام بحروفه في التدمرية وليس من إنشائي أنا. بل إنما أنا ناقل له من غير تصريح - لعلمنا جميعا بوجوده في ذلك الكتاب الذي نحن بصدد مدارسته. وسوف أعقب فيما بعد ما ذكرته من الاعتراضات عليه إن شاء الله، بعد الإجابة على أسئلتك هذه الأخيرة:

وبالعودة إلى موضوعنا، أطرح عليك الأسئلة التالية:

1_ بماذا تفسر تأكيد شيخ الإسلام ابن تيمية على أن "الله سبحانه وتعالى بعث رسله بإثبات مفصَّل، ونفي مُجْمَل"، ثم تفصيله في نفي الأكل عنه _ عز وجل _ ونفي لوازمه، ونفي لوازم لوازمه. هل في المسألة تعارض؟ وإن لم يكن، أرجو الإيضاح.

... التفصيل في الإثبات هو تفصيل الأوصاف الكمالية وتعدادها، مع ذكر الثناء والمحامد بها أو مع نفي ما يناقضها ويضادها من العيوب والعلل والنقائص ما يتعالى الله عنها. والإجمال في النفي هو نفي ما لا يليق بالله من الشرك والند والكفء والسمي والمثل والشبيه والولد والوالد والصاحبة ونحوها، مع إثبات وحدانية الله تعالى وتفرده بالألوهية وأوصاف الكمال المطلق الذي لا نقص فيها بحال. وأكثر النصوص الشرعية جامعة بين هذا وهذا، كقوله تعالى: (قل هو الله أحد، الله الصمد)، وقوله تعالى: (لا إله إلا هو الحي القيوم).

... ومن أوصاف الله تعالى الغناء والاستغناء، فإن الله هو الغني الرزاق ذو القوة المتين. فكل ما يناقض هذا الوصف الكمالي ويضادها منفي نفيا جازما عن الله تعالى، من الفقر والعجز والحاجة ونحوها. والأكل يستلزم الفقر والحاجة بلا ريب، فتلك الصفة الناقصة إذن: منفية عنه بلا ريب. قال تعالى: ((ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام))، فإن الأكل دليل العجز والحاجة ما يتنزه عنها الإله.

... ومن الملاحظ أنك - وفقك الله - قد ذكرت شيئا خطأ لعل في تصحيحه حلٌّ لأكثر الإشكالات أو بعضها. وهو أنك قلت: (ثم تفصيله في نفي الأكل عنه _ عز وجل _ ونفي لوازمه، ونفي لوازم لوازمه). قلتُ: ليس هكذا صيغة المنهج، بل المنهج أن يقال: (إن الله تعالى منزه عن النقص والعيب مطلقا. فكل ما يستلزم ذلك، فالله منزه عنه بطريق الأولى). فالكبد والطحال ليسا من لوازم الأكل، بل هما من ملزوماته، والأكل ملزوم الفقر والعجز والحاجة، والفقر والعجز والحاجة من ملزومات عدم الغنى - وقد قررنا أن الله هو الغني الحميد الذي يستغنى بنفسه عما سواه.

2_ هل التعليل ينطبق على كل الصفات الثابتة لله تعالى. ثم ألا ترى أن التعليل قد يفتح بابا للتأويل. فقد تفطن الشيخ البراك إلى شيء من ذلك في شرحه للتدمرية، في نفس الفصل الذي نحن بصدد مناقشته، فأضاف: " لكن لو فرض أن الخبر جاء بإثبات الفعل ولم يأت بإثبات صفة اليد لم يكن لنا أن نثبتها لأنها من قبيل الجائز".

... التعليل الصحيح لا يفتح شيئا من الإلحاد ولا التحريف. وهذه نقطة مهمة يجب التفطن إليها مرارًا. فشيخ الإسلام علل عدم المحذورية في إثبات (اليدين) يليق بجلال الله تعالى بأنه لا يستلزم شيئا من النقص ولا العلة ولا العيب ولا العجز ولا الفقر. وهذا تعليل صحيح لا غبار عليه، وهو لا يفتح شيئا من أبواب الإلحاد (المسمى بالتفويض) ولا شيئا من أبواب التحريف (المسمى بالتأويل). فإن اليد صفة بفعل الله بها الأفعال والأعمال، وقد ثبت أن الله موصوف بالفعل والعمل، كما قال تعالى في سورة الحج: (إن الله يفعل ما يريد)، وقال: (إن الله يفعل ما يشاء)، وقال في سورة الإسراء: (إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيرا بصيرا)؛ وكما قال تعالى في سورة يس: (أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون. و ذللناها لهم فمنها ركوبهم و منها يأكلون. ولهم فيها منافع و مشارب أفلا يشكرون).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير