4 - وقد حكاه المنذري في "الترغيب والترهيب" (1/ 393) عن ابن حزم، وقد ذكر جماعة من الصحابة على كفر تارك الصلاة، وقال: ولا نعلم لهؤلاء من الصحابة مخالفًا. اهـ
والذي رأيته في "المحلى" (2/ 242) أن هذا الكلام ليس واردًا في مسألة تكفير تارك الصلاة، وقد وجدت شيخنا الألباني رحمه الله قد نبه على ذلك أيضًا في"صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 235).
5 - قال شيخ الإسلام في "شرح العمدة" (2/ 75): ولأن هذا إجماع الصحابة، وذكر قول عمر: "لا حظ في الإسلام، لمن ترك الصلاة" أو "لا إسلام لمن لم يصل" قال: وهذا بمحضر من الصحابة .... اهـ وإن كان للمخالف وجه لتعقب ذلك.
6 - نقل ابن القيم في"الصلاة" ص (67) إجماع الصحابة على ذلك، لقول عمر بمحضر الصحابة دون إنكار عليه: "لا إسلام لمن ترك الصلاة" أو "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة".
هـ - أننا لم نظفر بأي رجل من الصحابة، خالف ما ادعاه هؤلاء العلماء من إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة، حتى نرد على عبدالله ابن شقيق قوله، بل وجدنا كلام جابر رضي الله عنه الذي يؤيده ويعزره، فكيف تُتْرك كل هذه البراهين، ويسمع بعد ذلك إلى ما يؤدي إلى زعزعة الثقة في دعوى الإجماع، مع أننا نقبل كثيرًا من دعاوى الإجماع، بما هو دون ذلك؟
! فإن اعْتُرِض على ذلك: بأن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما لم يلق جميع الصحابة، ولعله قد خفي عليه قول بعضهم بعدم التكفير. لا سيما والصحابة ألوف كثيرة.
فالجواب: لو طرد ذلك القول؛ لما صح لنا إجماع في الدنيا، فإذا كان الصحابي لا يُقبل قوله بدعوى الإجماع؛ فمن الذي سيُقبل قوله؟!
ثم دع عنك: "لعل" واجعلها وراء النجم، فالأصل أن دعوى العالم فضلاً عن الصحابي بالإجماع؛ دعوى مقبولة، حتى يظهر خلافها، ولم يستطع القائلون بعدم التكفير؛ أن يظفروا بصحابي واحد يقول بقولهم، بل ولم يصح لهم عن التابعين عن أحد غير الزهري، وهو من صغار التابعين، فكيف يُستدل على هذا القول بأن جابرًا رضي الله عنه قد فاتته بعض الأحكام زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وصدر من خلافة عمر رضي الله عنهما حتى نهاهم عمر، فانتهوا؟! وهذا إنما اعتمدناه للدليل الذي وقفنا عليه، فأين الدليل الدال على خطأ جابر في موضع النزاع هنا؟ وكيف يُردُّ قول جابر، بمثل هذا القياس الفاسد؟ والله المستعان.
= فإن اْعتُرِض على ذلك: بأن ابن أبي شيبة قد أخرج في"الإيمان" (22) برقم (31): ثنا وكيع عن عمر بن منبه عن سوار بن شبيب قال: جاء رجل إلى ابن عمر فقال: إن ها هنا قومًا يشهدون علىّ بالكفر، قال: فقال: ألا تقول: لا إله إلا الله، فتكذبهم. اهـ
وهذا إسناد صحيح، قد وثق ابن معين عمر بن منبه، وهو عمر بن مزيد بن منبه، ووثق أيضًا سوار بن شبيب، انظر "الجرح والتعديل" (4/ 270)، (6/ 135) ووكيع إمام مشهور، فهذا يدل على أن ابن عمر يحكم بالإسلام لمن قال: لا إله إلا اله وإن لم يصلِّ؛ هذا وجه استدلال من اعترض بذلك.
فالجواب: ليس في هذا الأثر: أن ترك الصلاة ليس كفرًا، فإن هذا الأثر كغيره من الأحاديث المطلقة الواردة في عصمة دم من قال: لا إله إلا الله، وكذلك الحكم بإسلام من قال: لا إله إلا الله، أو دخوله الجنة، وسيأتي معنى هذه الأحاديث، في أدلة من لم يكفّر تارك الصلاة، ولم يفهم من سبق ذكرهم ممن ادعى الإجماع؛ أن ابن عمر بهذا النص قد خالف الإجماع!!
وأيضًا فلم يذكر ابن عمر هنا عمل القلب، الذي منه ما هو أصل للإيمان، ولا يصح الإسلام بدونه، وجوابكم على هذا، هو جوابنا على قولكم في الصلاة، إلا أنه قد يقال: المقام في الحكم الدينوي لا الأخروى، ويُضاف إلى ذلك: أن ابن عمر يقصد بقوله: أن من قال: لا إله إلا الله، ولم يقع في الشرك، وقد ثبت أن ترك الصلاة شرك، وكما أن قول لا إله إلا الله، لا ينفع من وقع في شرك الجحود أو التكذيب أو الإباء والأستكبار ....
ونحو ذلك، فكذلك من قال: لا إله إلا الله، وترك الصلاة، فلا ينفق قوله هذا، وأي جواب لكم في حق الجاحد، هو خروج عن ظاهر أثر ابن عمر، وهو أيضًا جواب لمن كفَّر تارك الصلاة على أثر ابن عمر، ثم يقال أيضًا: هل أثر ابن عمر ظاهر الدلالة على قولكم، كما أن الأدلة المرفوعة صريحة على قول مخالفيكم، وكما أن الإجماع صريحة على خلاف قولكم؟
¥