تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل لم يكن في الباطن مقرا بوجوبها ولا ملتزما بفعلها وهذا كافر باتفاق المسلمين كما استفاضت الآثار عن الصحابة بكفر هذا - (قلت): وهذا الضمير كما هو واضح يعود على من يصبر على القتل ولا يقبل ان يصلي وليس من هو نائم في بيته لا يعلم عن خبر تكفيره شئ - ودلت عليه النصوص الصحيحة كقوله صلى الله عليه وسلم: [ليس بين العبد وبين الكفر إلا ترك الصلاة] رواه مسلم وقوله: [العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر]

وقول عبد الله بن شقيق: كان أصحاب محمد لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة فمن كان مصرا على تركها حتى يموت لا يسجد لله سجدة قط فهذا لا يكون قط مسلما مقرا بوجوبها فإن اعتقاد الوجوب واعتقاد أن تاركها يستحق القتل هذا داع تام إلى فعلها والداعي مع القدرة يوجب وجود المقدور فإذا كان قادرا ولم يفعل قط علم أن الداعي في حقه لم يوجد والاعتقاد التام لعقاب التارك باعث على الفعل لكن هذا قد يعارضه أحيانا أمور توجب تأخيرها وترك بعض واجباتها وتفويتها أحيانا

فأما من كان مصرا على تركها لا يصلي قط ويموت على هذا الإصرار والترك فهذا لا يكون مسلما لكن أكثر الناس يصلون تارة ويتركونها تارة فهؤلاء ليسوا يحافظون عليها وهؤلاء تحت الوعيد وهم الذين جاء فيهم الحديث الذي في السنن حديث عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [خمس صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة من حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عهد عند الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له]

فالمحافظ عليها الذي يصليها في مواقيتها كما أمر الله تعالى والذي ليس يؤخرها أحيانا عن وقتها أو يترك واجباتها فهذا تحت مشيئة الله تعالى وقد يكون لهذا نوافل يكمل بها فرائضه كما جاء في الحديث. انتهى.

فهذا كلام شيخ الاسلام واضح يلخص في نقطتين:

1 - أن الترك المقصود في الاثار الواردة عن الصحابة والاحاديث الثابته عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انما يقصد به الترك مطلقا حتى الموت بل قال الشيخ " لا يسجد لله سجده " فجعل مجرد السجود مانع للتكفير و شيخ الاسلام يقول بجواز التنفل بالسجود دون صلاة.

2 - الوجه الثاني انه لا يعتبر الردة الا بعد العرض على القتل هذا في حالا الاحياء فمن رفض حتى يقتل قتل كافرا وهذا واضح في قوله "ومتى امتنع الرجل من الصلاة حتى يقتل لم يكن في الباطن مقرا بوجوبها " وهذا هو الوجه الصحيح لفهم هذه الاثار.

شئ أخير:

قال الإمام المبجل أحمد بن حنبل في وصيته لتلميذه الإمام الحافظ مسدد بن مسرهد:

ولا يخرج الرجل من الإسلام شيء إلا الشرك بالله العظيم أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحدا بها فإن تركها كسلا أو تهاونا: كان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه. فأين الاجماع الذي ذكر عن اسحاق؟ فهل يصح الاجماع عن شخص اذا كان له في مسألة ثلاثة او اربعة اقوال؟ تختار ما تشاء منها ثم تقول هو قوله و تجزم به و تدخله مع الموافقين المجمعين؟؟

و في لفتاوى الحديثية " (84/ 2) للحافظ السخاوي يقول بعد أن ساق بعض الأحاديث الواردة في تكفير تارك الصلاة وهي مشهورة معروفة:

ولكن كل هذا إنما يحمل على ظاهره في حق تاركها جاحدا لوجوبها مع كونه ممن نشأ بين المسلمين لأنه يكون حينئذ

كافرا مرتدا بإجماع المسلمين فإن رجع إلى الإسلام قبل منه وإلا قتل ... الى أن قال ...

ولهذا لم يزل المسلمون يرثون تارك الصلاة ويورثونه ولو كان كافرا لم يغفر له ولم يرث ولم يورث ".

فهذا اجماع من المسلمين ينقله عالم جليل وهو موافق فيه قول شيخ الاسلام من ان الكفر مرتبط بالعرض على السيف.

و قد ذكر عبد الله بن احمد في (مسائله) (ص 55) قال: (سألت أبي - رحمه الله - عن ترك الصلاة متعمدا؟

قال: (. . . و الذي يتركها لا يصليها و الذي يصليها في غير وقتها أدعوه ثلاثا فإن صلى و إلا ضربت عنقه هو عندي بمنزلة المرتد. . .)

قال الشيخ الالباني:: فهذا نص من الإمام أحمد بأنه لم يكفر بمجرد تركه للصلاة و إنما بامتناعه عن الصلاة مع علمه بأنه يقتل إن لم يصل فالسبب هو إيثاره القتل على الصلاة فهو الذي دل على أن كفره كفر اعتقادي فاستحق القتل. انتهى.

و بغض النظر عن كل ما سبق فقد قرر العلماء والصحابة منهم بل و النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن الرجل قد يفعل افعال الكافرين ولا يكون منهم و أن الأمر اذا خالفه الواقع المتيقن كان الحكم للواقع اكثر منه للدليل الوارد في المسألة وذلك في مثل حديث حاطب حيث كان الفعل فعل الكفر والواقع واقع الايمان فهو مؤمن محب لله ورسوله فغلب الواقع على صريح فعل الكفر وكذلك الصحابي الذي استحل شرب الخمر وهو امير على البحرين فعلم به عمر وانتهى الامر الى أنه كان متأول فالواقع كان يشهد انه ليس ممن يستحلون المحظورات وكذلك عندما تجلس مع رجل مسلم يحيا مع المسلمين وعندما تذكر له امر تقصيره في التدين تجد وجهه يتمعر ولكنه لا يصلي! و تجده يذكر الله عن تسميته و عند نومه و عند ركوبه و لا يعبد مع الله احدا ثم تأتي وتقول هو كافر مع أن الشهادة بوحدانية الله ملء عينيه!!!؟

الأمر فيه سعة ليس لانه فيه خلاف ولكن لان الجزم فيه على تكفير من ترك الصلاة جزم بالظن و بما يخالف قول الجمهور و قول المحققين و واقع حال المكلفين , والله أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير