وقال به المجدد الثاني الإمام العلامة عبد الرحمن بن حسن ورسائله في الدرر وفي مجموع الرسائل والمسائل شاهدة بذلك وساعده عليه تلميذه الشيخ عبد الله أبا بطين، ثم قال به الإمام العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن المجدد الثالث وساعده أخوه إسحاق بن عبد الرحمن في كتابه القيم " تكفير المعين "، ثم قال به عبد الله وإبراهيم ابنا الشيخ عبد اللطيف، وساعدهما عليه الشيخ ابن سحمان، ثم الشيخ محمد بن إبراهيم وعليه تلامذته فيما اعلم من غير فرق.
ثم عليه المشايخ: عبد الله بن حميد، وعبد العزيز بن باز رحمهما الله وأعضاء اللجنة الدائمة التي رأسها الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وعليه شيخنا العلامة حمود بن عقلاء الشعيبي رحمه الله.
لا تجد أحدهم يختلف في ذلك.
فأين المخالف في ذلك منهم؟! وإنما الخلاف في ذلك المتأخرون ممن هجر كتب أئمة الدعوة ورأى فيها الغلو وإن كان لهم درجات عليا في الجامعات وتخرجوا من الكليات، فهم الذين لبسوا على الناس هذه المسألة وفهموا من كلام ابن تيمية خلاف ما أراد في باب الشرك الأكبر.
وقد نبه على ذلك أئمة الدعوة كثيرا في نقلهم عن ابن تيمية حينما تكلم عن أهل البدع والأهواء والعذر فيهم بالجهل والتأويل فطبقوا ذلك على الشرك الأكبر ولم يدركوا ويفهموا أن ابن تيمية يفرق بين البابين.
ولذا قال في الفتاوى [20/ 38 - 37]: (واسم الشرك يثبت قبل الرسالة لأنه يعدل بربه ويشرك به)، وانظر كلامه في الرد على البكري وفي كلامه عن الجهال من التتار الذين يعبدون غير الله، فقد سماهم مشركين وعبادا لغير الله مع جهلهم.
ومن أراد بسط أقوالهم فقد نقلتها في كتبي التالية:
1 - كتاب الرسالة المتممة لكلام أئمة الدعوة في الجهل في الشرك الأكبر.
2 - كتاب الجمع والتجريد شرح كتاب التوحيد باب الخوف من الشرك.
3 - كتاب التوضيح والتتمات على كشف الشبهات في الربع الأول منه.
* * *
ما حكم من لم تصله رسالة الإسلام بعقيدتها الصافية ومات على ذلك؟ مثلا وصلته رسالة مشوهة عن الإسلام، هل يعتبر كافرا؟
الجواب:
ولا زال سؤالك فيما نفهم عن أهل الكتاب.
فإذا مات من لم تصله رسالة الإسلام الصافية وإنما وصلته مشوهة، وهو لا يعبد الله، وإنما يفعل الشرك والكفر فهذا ليس بمسلم وإنما هو مشرك كافر، قال تعالى {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين}، وقال تعالى {إن الدين عند الله الإسلام}.
وفي الحديث الصحيح (لن تدخل الجنة إلا نفس مسلمة).
قال ابن حزم رحمه الله: (وقال سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه وقال بلسانه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن كل ما جاء به حق وبرئ من كل دين سوى دين محمد r فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك) [الفصل 4/ 35]. ويأتي إن شاء الله في آخر الإجابة كلام ابن القيم وحكاية الإجماع.
أما أن الدعوة ورسالة الإسلام وصلته مشوهة فهذا ليس بعذر ويعتبر كافرا قال تعالى {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم}، بل دلت النصوص على إن الرسالة شوهت، فلقد شوه يهود المدينة دعوة الرسول rصلى الله عليه وسلم على عوامهم ولم يعتبر ذلك عذرا في حقهم.
بل ما جاءت دعوة رسول ولا نبي إلا وقد حاول أعداء الرسل تشويهها على أتباعهم وعوامهم.، قال تعالى {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون * أتواصوا به بل هم قوم طاغون}، وقال تعالى {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا}، وقال تعالى {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون}.
وعند أحمد من حديث جابر (حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر فيأتيه قومه فيقولون احذر غلام قريش لا يفتنك)، وهذا تشويه واضح.
وقال الشيخ عبد اللطيف: (وإذا بلغ النصراني ما جاء به الرسول r ولم ينقد لظنه أنه رسول الأميين فقط فهو كافر وإن لم يتبين له الصواب في نفس الأمر كذلك كل من بلغته دعوة الرسول بلوغا يعرف فيه المراد والمقصود فرد ذلك لشبهة أو نحوها فهو كافر وإن التبس عليه الأمر وهذا لا خلاف فيه) [مصباح الظلام ص 326].
* * *
هل هناك من لا يعذب من هذه الأمة إذا لم يعتنق الإسلام بسبب عدم وصول رسالة الإسلام إليه ولو كان يستطيع البحث؟
¥