4 - الحنابلة:
موقف الحنابلة من الأشاعرة أشهر من أن يذكر فمنذ بدّع الإمام أحمد "ابن كلاب" وأمر بهجره -وهو المؤسس الحقيقي للمذهب الأشعري- لم يزل الحنابلة معهم في معركة طويلة، وحتى في أيام دولة نظام الملك -التي استطالوا فيها- وبعدها كان الحنابلة يخرجون من بغداد كل واعظ يخلط قصصه بشيء من مذهب الأشاعرة.
ولم يكن ابن القشيري إلا واحداً ممن تعرض لذلك، وبسبب انتشار
مذهبهم وإجماع علماء الدولة سيما الحنابلة على محاربته ادر الخليفة القادر منشور "الاعتقاد القادري" أوضح فيه العقيدة الواجب على الأمة اعتقادها سنة 433هـ (14).
وكذلك يفعل أتباعهم في عصرنا هذا بمليء خطبهم الحماسية أو مواعظهم وقصصهم وما يسمونه بالكتب الفكرية لثقة قرائهم -من الشباب المتحمس- العمياء بهم ولجهل أكثر هؤلاء الشباب بعقيدتهم الصحيحة التي كان عليها سلفهم الصالح من تبعهم بإحسان.
هذا وليس ذم الأشاعرة وتبديعهم خاصة بأئمة المذاهب المعتبرين بل هو منقول أيضا عن أئمة السلوك الذين كانوا أقرب إلى السنة واتباع السلف، فقد نقل شيخ الإسلام في الاستقامة كثيراً من أقوالهم في ذلك وإنهم يعتبرون موافقة عقيدة الأشعرية منافياً لسلوك طريق الولاية والاستقامة حتى أن عبد القادر الجيلاني لما سئل "هل كان لله ولي على غير اعتقاد أحمد بن حنبل؟. قال: ما كان ولا يكون (15) ".
هذا موجز مختصر جداً لحكم الأشاعرة في المذاهب الأربعة فما ظنك بحكم رجال الجرح والتعديل مما يعلم أن مذهب الأشاعرة هو رد خبر الآحاد جملة وأن في الصحيحين أحاديث موضوعة أدخلها الزنادقة .. وغيرها من العوام وانظر إن شئت ترجمة إمامهم المتأخر الفخر الرازي فيا لميزان ولسان الميزان.
فالحكم الصحيح في الأشاعرة أنهم من أهل القبلة لا شك في ذلك أما أنهم من أهل السنة فلا وسيأتي تفصيل ذلك في الموضوعات التالية:
وها هنا حقيقة كبرى أثبتها علماء الأشعرية الكبار بأنفسهم -كالجويني وابن أبي المعالي والرازي والغزالي وغيرهم- وهي حقيقة إعلان حيرتهم وتوبتهم ورجوعهم إلى مذهب السلف، وكتب الأشعرية المتعصبة مثل طبقات الشافعية أوردت ذلك في تراجمهم أو بعضه فما دلالة ذلك؟.
إذا كانوا من أصلهم على عقيدة أهل السنة والجماعة فعن أي شيء رجعوا؟ ولماذا رجعوا؟. وإلى أي عقيدة رجعوا؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5 - وانظر عن القدامى: الرد الوافر على من زعم أن ابن تيمية شيخ الإسلام كافر، وكتاب الحصني: دفع شبهة من شبه وتمرد. ولعلم فبعض هذه الكتب المعاصرة باسم مستعار، وممن اعترف بموقفهم من شيخ الإسلام الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه ابن تيمية ص 56 ومن ذلك قول صاحب حواشي على شرح الكبرى للسنوسي قوله: "ابن تيمية .. أي الحنبلي المشهور زنديق وبغضه للدين وأهله لا يخفي" ص 62. وانظر في كتاب وهبي غاوجي أركان الإيمان ص 297 - 299.
6 - ج 2 ص163 تحقيق محمد رشاد سالم.
7 - أنظر شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة. اللالكائي، تحقيق الأخ أحمد بن سعد بن حمدان: (1/ 157، 165).
8 - جامع بيان العلم وفضله 2/ 117 تحقيق عثمان محمد عثمان، وهو 2/ 96 من الطبعة المنبرية.
9 - توفي ابن سريج سنة 306: انظر تاريخ بغداد 4/ 290 وسير أعلام النبلاء 14/ 201 والظاهر أنه توفي قبل رجوع الأشعري لمذهب السلف، والأشعري توفي 324 أو 330 على قولين. وانظر عقيدة ابن سريج في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 62.
10 - التسعينية: 238 - 239 وانظر شرح الأصفهاني: 31 من ج5 من الفتاوى الكبرى نفسها وانظر عن الكرجي وعقيدته: اجتماع الجيوش الإسلامية ومختصر العلو وله ترجمة في طبقات الشافعية لابن السبكي وطبقات الشافعية لابن كثير (مخطوط).
11 - يلاحظ أن كلا من الشافعية والحنابلة يدعي الهروي لمذهبهم ورجح شيخ الإسلام أنه يأخذ من كليهما ويتبع الأثر. انظر (شيخ الإسلام عبد الله الهروي ص 96) وقوله فيهم نقله في التسعينية: 277 عن كتاب ذم الكلام "وهو يحقق بجامعة الإمام كما قرأت. وانظر أيضا عن موقف الشافعية درء التعارض 2/ 106.
12 - انظر عبر ما ذكر سير أعلام النبلاء ترجمة بشر 10/ 200 - 201 والحموية: ص14 - 15 طبعة قصي الخطيب.
13 - أنظر المنتظم لابن الجوزي أحداث سنة: 433، 469، 475 وغيرها ج 8و ج9.
14 - ص 81 - 89 و 105 - 109.
¥