تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأخرى: أن الحافظ في الفتح قد نقد الأشاعرة باسمهم الصريح وخالفهم فيما هو من خصائص مذهبهم فمثلا خالفهم في الإيمان، وإن كان تقريره لمذهب السلف فيه يحتاج لتحرير. ونقدهم في مسألة المعرفة وأول واجب على المكلف في أول كتابه وآخره (19).

كما أنه نقد شيخهم في التأويل "ابن فورك" في تأويلاته التي نقلها عنه في شرح كتاب التوحيد في الفتح وذم التأويل والمنطق مرجحاً منهج الثلاثة القرون الأولى كما أنه يخالفهم في الاحتجاج بحديث الآحاد في العقيدة (20) وغيرها من الأمور التي لا مجال لتفصيلها هنا.

والذي أراه أن الحافظ -رحمه الله- أقرب شيء غلى عقيدة مفوضة الحنابلة كأبي يعلى ونحوه ممن ذكرهم شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل (21) ووصفهم بمحبة الآثار والتمسك بها لكنهم وافقوا بعض أصول المتكلمين وتابعوهم ظانين صحتها عن حسن نية.

ولو قيل أن الحافظ -رحمه الله- كان متذبذباً في عقيدته لكان ذلك اقرب إلى الصواب كما يدل عليه شرحه لكتاب التوحيد. والله أعلم.

وقد كان من الحنابلة من ذهب إلى أبعد من هذا كابن الجوزي وابن عقيل وابن الزاغوني. ومع ذلك فهؤلاء كانوا أعداء الداء للأشاعرة، ولا يجوز بحال أن يعتبروا أشاعرة فما بالك بأولئك.

والظاهر أن سبب هذا الاشتباه في نسبة بعض العلماء للشاعرة أو أهل السنة والجماعة هو أن الأشاعرة فرقة كرمية انشقت عن أصلها "المعتزلة" ووافقت السلف في بعض القضايا وتأثرت بمنهج الوحي، في حين أن بعض من هم على مذهب أهل السنة والجماعة في الأصل تأثروا بسبب من الأسباب بأهل الكلام في بعض القضايا وخالفوا فيها مذهب السلف.

فإذا نظر الناظر إلى المواضع التي يتفق فيها هؤلاء وهؤلاء ظن أن الطائفتين على مذهب واحد. فهذا التدخل بينهما هو مصدر اللبس.

وكثير ما تجد في كتب الجرح والتعديل -ومنها لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني -قولهم عن الرجل- أنه وافق المعتزلة في أشياء من مصنفاته أو وافق الخوارج في بعض أقوالهم وهكذا ومع هذا لا يعتبرونه معتزليا أو خارجياً، وهذا المنهج إذا طبقناه على الحافظ وعلى النووي وأمثالهما لم يصح اعتبارهم أشاعرة وإنما يقال وافقوا الأشاعرة في أشياء، مع ضرورة بيان هذه الأشياء واستدراكها عليهم حتى يمكن الاستفادة من كتبهم بلا توجس في موضوعات العقيدة (22).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

15 - ومنها شرح الباجوري -أو البيجوري- على الجوهرة 1:82 طبعة محمد علي صبيح.

16 - انظر الاستقامة: 105 وتبين كذب المفتري لابن عساكر ص 410 بتحقيق الكوثري.

17 - بل إن متكلمي الأشاعرة الذين ينفون العلو بكل جرأة ويستندون غلى شبهات كثيرة، تجد في خبايا كلامهم إقرارا به دون أن يشعروا. لأن مغالبة الفطرة من أصعب الأمور. فالرازي مثلاً -مع إنكاره الشديد للعلو في (التأسيس والتفسير) قال في التفسير إن الله (خسف بقارون فجعل الأرض فوقه ورفع محمداً صلى الله عليه وسلم فجعله قاب قوسين تحته) 1/ 248. ط. بيروت. والرفع يدل على علو الله.

18 - ترجمة الرازي: 4/ 426 والآمدي: 6/ 134.

19 - أنظر فتح الباري: 1/ 46، 3/ 357 - 361، 13/ 347 - 350.

20 - أنظر فتح الباري: 1/ 46، 3/ 357 - 361، 13/ 347 - 350.

21 - المصدر السابق: 13/ 253، 259، 407 وغيرها كثير.

22 - وقد رأينا في واقعنا المعاصر علماء فضلاء وافقوا الاشتراكيين أو الديموقراطيين أو القوميين في أشياء للأسباب نفسها. ولم يعدهم أحد اشتراكيين أو قوميين.

الفهرس


الأصول المنهجية في مذهبهم

خامساً: قال فضيلة الشيخ الفوزان عن الأشاعرة: "نعم هم من أخل السنة والجماعة في بقية أبواب الإيمان والعقيدة وليسوا منهم في باب الصفات".

وهذا سبق قلم من فضيلته ومثل هذه الدعوى هي التي يهش لها الأشاعرة المعاصرون يروجونها، لأنه إذا كان الفارق هو الصفات فقط قالوا إن الخلاف فيها أصله الاجتهاد والكل متفقون على التنزيه فكأنه ى خلاف إذاً ... وربما قالوا نحن مستعدون أن نثبت لله يداً وعيناً وسائر الصفات في سبيل توحيد الصف ووحدة الكلمة!!!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير