تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذ وجدوا هذا مخالفا لما تقرر لديهم من الفرقة الناجية هي الأشاعرة والماتريدية (48).

وكان من جواب شيخ الإسلام لهم أنه أحضر أكثر من خمسين كتابا من كتب المذاهب الربعة وأهل الحديث والصوفية والمتكلمين كلها توافق ما في الواسطية وبعضها ينقل إجماع السلف على مضمون تلك العقيدة:

وتحداهم -رحمه الله- قائلاً:

"قد أمهلت كل من خالفني في شيء منها ثلاثة سنين فإن جاء بحرف واحد عن أحد من القرون الثلاثة .. يخالف ما ذكرت فأنا أرجع عن ذلك".

قال: "ولم يستطيع المتنازعون مع طول تفتيشهم كتب البلد وخزائنه أن يخرجوا ما يناقض ذلك عن أحد من أئمة الإسلام وسلفه " (49).

فهل يريد الأشاعرة المعاصرون أن نجدد التحدي ونمدد المهلة أم يكفي أن نقول لهم ناصحين:

إنه لا نجاة لفرقة ولا لأحد في الابتداع وإنما النجاة كل النجاة في التمسك والإتباع ....

ترجوا النجاة ولم تسلك مسالكها ـــــــــــ إن السفينة لا تجري على اليبس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

47 - ومن العجيب أن الماتردية يخرجون الشاعرة من أهل السنة ويدعونه لأنفسهم وهم أكثر فرقتين في الإسلام تقاربا واشتراكاً في الأصول.

انظر حاشية على شرح العضدية:38.

أما ما يتعلق بالخلاف بين الأشاعرة والمعتزلة فهو برمته خلاف داخلي ضمن المدرسة العقلية "التي هي مدرسة الهوى والبدعة ولا بأس أن يستفيد أهل السنة من ردود الأشاعرة عليهم إذا كانت حقاً.

48 - انظر تفصيل المناظرة في مجموع الفتاوي ج 3.

49 - أنظر المصدر السابق: 169، 217.

الفهرس


من أهل القبلة لا من أهل السنة

من أهل القبلة لا من أهل السنة:

تبين مما تقدم أن الأشاعرة فرقة من الثنتين وسبعين فرقة وإن حكم هذه الفرقة الثنتين وسبعين هو:

(1) الضلالة والبدعة.

(2) الوعيد بالنار وعدم النجاة.

وهذا مثار جدل كبير ولغط كثير مما يجعلون مذهب أهل السنة والجماعة في الوعد والوعيد إذ ما يكادون يسمعون هذا حتى يرفعوا عقيرتهم بأننا ندخل الأشاعرة النار ونحكم عليهم بالخروج من الملة -عياذاً بالله.

ونحن نقول أنه لا يصح تفسير ألفاظ أو اطلاقات مذهب السلف في الوعد والوعيد إلا من خلال أقوالهم هم وعلى الذين يجهلونه أن يستفصلوا قبل أن يتسرعوا بادعاء التكفير.

وهذا موجز لمذهب السلف في ألفاظ الوعيد ونصوصه:

(1) فمن ألفاظ الوعيد "الضلال" وهو ليس مرادف للكفر بإطلاق إلا عند من يجهلون أوضح بدهيات العقيدة، فإذا أطلق على أحد من أهل القبلة فالمراد به المعصية في الاعتقادات كما أن لفظ "الفسق" يطلق على المعصية في الأعمال.

مع أن الضلال والفسق يطلقان على الكفر أيضا كما في قوله تعالى: "ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيدا" وقوله: "ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون".

لكن إذا كانت كلمة الكفر نفسها تطلق في الأحاديث ولا يراد بها الكفر الأكبر المخرج من الملة كما في قوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر". فكيف بلفظتي الفسق والضلال اللتين دون ذلك في الوعيد.

ولماذا هذا التفريق بين نصوص الكتاب والسنة وقد فسر السلف رضي الله عنهم قوله تعالى "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون" بأنه كفر دون كفر أو كفر لا يخرج من الملة. قال ابن القيم في كتاب الصلاة وحكم تاركها "وهذا قول الصحابة جميعاً" وجاء ذلك عن ابن عباس من الصحابة وعطاء وطاووس من التابعين وأبو عبيد والإمام أحمد من تابع التابعين وكذلك جاء عن الإمام البخاري في صحيحه وغيرهم من الأئمة والعلماء مالا يحصيهم إلا الله تبارك وتعالى.

والقرآن-على الصحيح لم يأت فيه إطلاق الكفر غلا على الكفر الأكبر المخرج من الملة، أما الضلال فورد فيه بمعنى الانحراف عن الحق والصواب مطلقاً غير وروده بمعنى الكفر كما سبق.

ومن ذلك قوله تعالى: "ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا". ومعلوم أنه ليس كل عاص كافرا.

وقوله تعالى عن أصحاب الجنة المذكورين في سورة القلم: "فلما رأوها قالوا إنا لضالون" وهم لم يشهدوا على أنفسهم بالكفر.

وقوله تعالى: "إن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى". أي تخطئ فتذكرها الأخرى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير