تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قلت لهم: وليس كل من خالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكا. فإن المنازع قد يكون مجتهدا مخطئاً يغفر الله خطأه. وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة، وقد يكون له من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته.

بل موجب هذا الكلام أن من اعتقد ذلك نجاه في هذا الاعتقاد، ومن اعتقد ضده فقد يكون ناجياً، كما يقال من صمت نجا" (52).

وقال في الإيمان:

"وكذلك سائر الثنتين وسبعين فرقة، من كان منهم منافقاً فهو كافر في الباطن، ومن لم يكن منافقاً بل كان مؤمناً بالله ورسوله في الباطن لم يكن كافراً في الباطن وإن أخطأ في التأويل كائنا ما كان خطؤه وقد يكون في بعضهم شعبة من شعب النفاق ولا يكون فيه النفاق الذي يكون صاحبه في الدرك الأسفل من النار.

ومن قال: أن الثنتين وسبعين فرقة كل واحدة منهم يكفر كفرا ينقل عن الملة فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الصحابة -رضوان الله عليهم أجمعين- بل وإجماع الأئمة الأربعة وغير الأربعة، فليس فيهم من كفر كل واحدة من الثنتين وسبعين فرقة، وإنما يكفر بعضهم بعضا (من تلك الفرق) ببعض المقالات، كما قد بسط عليهم في غير موضوع" (53).

ولهذا نجد أن من كفر الجهمية من السلف مثل ابن المبارك ووكيع أخرجوهم من الثنتين وسبعين فرقة والحقوهم بالسيئة والغرابية وأمثالها.

وحتى في المناهج الجامعية نجد أن كليات أصول الدين مثل كليتي مكة والمدينة حاليا تفصل بين الفرق الخارجة عن الإسلام وبين الفرق الأخرى.

فالأمر واضح لا لبس فيه إلا عند المعاندين أو المعذورين من غير المتخصصين. وكيف يكون عند الأشاعرة لبس في موقف أهل السنة والجماعة منهم وهم يقفون نفس الموقف من المعتزلة فهم يصفونها بالضلال في كتبهم ولا يقولون إن هذا يعني إخراجهم من الملة فمن حقنا أن نلزمهم من واقع كتبهم.

وإذا تقرر هذا تبين أنه لا مبرر لمطالبة الأشاعرة بإدخالهم في أهل السنة والجماعة بدعوى أن هذا يجنبهم تهمة الخروج من أهل القبلة لأن ذلك يعني هدم هذه القاعدة كلها إذ لو أدخلناهم لأدخلنا غيرهم حتى لا يبقى من تلك الفرق الثنتين وسبعين فرقة إلا دخلت.

وهذا ليس في أيدينا ولا في يد بشر إنما نحن متبعون لا مبتدعون.

أما باب الدخول الحقيقي فمفتوح على مصراعيه فيمن الذي منعهم أن يرجعوا إلى عقيدة القرون الثلاثة والأئمة الأربعة وسائر أئمة الهدى في هذه الأمة المعصومة؟

وهذا خير لهم في الدنيا والآخرة من بقائهم على بدعتهم وتفاخرت بأنهم أقرب الفرق لأهل السنة- والجماعة وقد سمعت هذا التفاخر من بعضهم- فعجبت لمن يعرف الحق ويفتخر بقربه منه ثم لا يكون من أهله ودعاته.

ولكن لله في خلقه شؤون ...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

50 - أنظر تفصيل ذلك في مجموع الفتاوى: 12/ 479 - 501.

51 - أنظر سلسلة الأحاديث الصحيحة الكلام عن حديث 204.

52 - مجموع الفتاوي: 3/ 179.

53 - ص206.

الفهرس


كلمة التوحيد أساس توحيد الكلمة

وأخيراً: كلمة التوحيد أساس توحيد الكلمة:

ونأتي أخيراً غلى الشعار الذي اتخذه القوم ستارا للطعن في عقيدة السلف سرا وجهرا حتى إذا قام أحد يرد عنها السهام صاحوا في وجهه: "لا تفرق كلمة المسلمين، إن وحدة الكلمة أهم من هذه القضايا، لماذا تثير خلافات عفى عليها الزمان واندثرت؟ لماذا الاهتمام بالقشور والشكليات؟."

والحق أنه لو سكت كل أعداء الحق عن محاربته -ولن يسكتوا أبدا- لما جاز لنا أن نسكت عن بيانه للناس ودعوتهم غليه فكيف يجوز أن نسكت وهو يحارب والذي يطالبنا بالسكوت هو المحاربة المهاجم.

هذه الأمة الممزقة المقطعة الأوصال يراد منا أن نسكت عن بيان طريق الخلاص لها وندعها تتخبط في ظلمات البدع حتى لا نفرقها بزعمهم. وكان القوم لا يعلمون ما الذي فرقها بعد أن كانت متجمعة. غن دعوى تقديم توحيد الكلمة على كلمة التوحيد مصادمة للحق من جهة ولسنن الله في الحياة من جهة أخرى:

وأما القائلين بها خياران لا ثالث لهما:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير