(1) إما أن يلتزموا تعميم هذا الحكم على كل من انتسب للإسلام وعليه فلا يجوز أن نثير أو نبحث خلافاً أو نكتب ردا على أي فرقة تدعي الإسلام كالقاديانية والبهائية والدروز والنصرانية والروافض والبهرة والصوفية الحلولية وسائر الطوائف الكافرة بل ندعوها جميعا غلى جمع الصف ووحدة الكلمة لمحاربة الشيوعية والصهيونية وما منها إلا من هو مستعد لذلك إن صدقا وإنكذبا.
ومن لوازم هذا -على كلامهم- حرق أو إخفاء كتب عقيدة الأشاعرة لأنها تثير الخلاف مع المعتزلة وغيرهم فهي إذن تمزق الصف وتشتت الكلمة بل هي كما يعلم الصابوني وأمثاله تشتم أهل السنة والجماعة وهم أكثر المسلمين، ومما يجب إعدامه أيضا مقالات الصابوني نفسها لأنه كرر فيها حكمه بالتضليل للخوارج والرافضة وهذا بلا شك يغضب الشيعة والاباضية فهو -على كلامه- قد فرق كلمة المسلمين أيما تفريق!!.
(2) وأما أن يقولوا: كلا، لا يعم هذا الحكم كل المنتسبين للإسلام بل لا بد من بيان كفر وضلال تلك الفرق وليس في ذلك تفريق ولا تمزيق، وإنما نريد توحيد صف أهل السنة والأشاعرة أو الفرق التي ليست ضالة ولا منحرفة!!.
فنقول لهم حينئذ:
أولاً: قد نقضتم قاعدتكم بأنفسكم فلا ترفعوا هذا الشعار إلا مقيدا مشروطاً إن كنتم صادقين، لكن أخبرونا بأي معيار من معايير العدل تريدون السكوت عن إثارة الخلاف مع هذه وتحكمون بعدم ضلالها ووجوب إثارته مع تلك وتحكمون بضلالها. أنهاجم الأباضية ونتآخى مع الرافضة مثلا أم بالعكس؟ أو نشنع على الرافضة ونصمت عن الصوفية؟ أم ماذا؟ ما هو المعيار؟ وهل هناك حقا فرق ضالة فاخبروني ما هو الضلال إذن؟ ..
قد تقولون: "نتعاون جميعاً فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه".
فنقول:
إنه ما من فرقة ظهرت على الأرض تدعي الإسلام إلا ونحن متفقون معها على أشياء ومختلفون على أشياء، ومختلفون على أشياء، حتى القاديانية نتفق معها على الإيمان بالله وصحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان بالآخرة وتعظيم القرآن، وهم يعلنون محاربة الشيوعية والصهيونية. وغير ذلك، فإذا عذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه مثل نبوة أحمد القادياني ونسخ شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ونحوهما، فماذا تكون النتيجة؟ وهل ترضون ذلك أم نعود من جديد للمطالبة بالمعيار الذي به نرد القاديانية ونقبل غيرها مع اشتراك الكل في أصل الضلال والانحراف.
إن سلمتم كل ضال لا بد من بيان ضلاله وأن المسلمين لن يجتمعوا إلا على الحق فقد بينا لكم -وما نزال مستعدين لمزيد بيان- أن الأشاعرة فرقة ضالة عن المنهج الصحيح، فها هي إذن الفرصة الذهبية لتوحيد المسلمين، وهي أن يعلن الأشاعرة في كل مكان رجوعهم إلى مذهب السلف ومنهج الحق وحينئذ يتحقق هذا الحلم الرائع الجميل.
فإن لم تفعلوا فاعلموا أنغيركم أبعد عن الإجابة لأنكم أنتم أقرب الفرق إلينا وترفضون فما بالكم بالبعيدين، فلا تناقضوا أنفسكم إذن ترفعوا شعار الوحدة وأنتم أول من يعاديه ويأباه، وتعلمون منافاته لسنة الله في المبتدعة والزائغين الذي أشربوا في قلوبهم البدعة بضلالهم، واعلموا أن هذا الشعار إن صلح في موقف سياسي أو حركي معين فهو عن المبادئ والأصول أبعد شيء.
ثانياً: إن دعوتمونا إلى أن نتحد نحن وأنتم فقط ضد سائر الفرق كالخوارج، والرافضة وغيرها وضد الشيوعية ومن شايعها قلنا قد سهل الخطب إذن، لكن لا بد لكم من بيان منطلق التوحيد وموقعه بأن تلتزموا بوضوح بأحد قولين.
(1) أما إنكم أنتم وحدكم أهل السنة الجماعة ولكن تقبلون التوحيد معنا تنازلا وتفضلا على ما فينا بزعمكم من "تشبيه وتجسيم وحشو وكفر وضلال".
(2) وأما أنكم لستم من أهل السنة والجماعة ولكن تريدون التوحد معهم طالبين منهم التنازل والتفضل بقبولكم على ما فيكم من بدعة وضلالة.
فإذا حددتم أحد الموقعين أمكن بعد ذلك عرض موضوعكم إما على أصول العقيدة وقواعدها إن اخترتم الأول وإما على ضوابط المصلحة وحدودها الشرعية غن أقررتم بالآخر فأمامكم الخيار وإنا لفي الانتظار.
إما أن نظل نحن وأنتم مختلفين متصارعين منذ أيام أحمد بن حنبل وابن كلاب ثم أيام البريهاري والأشعري ثم أيام الشريف أبي جعفر وابنا القشيري ثم أيام عبد القادر الجيلاني وأبي الفتوح الاسفرائيبي ثم أيام شيخ الإسلام والسبكي ثم أيام محمد بن عبد الوهاب ومعاصريه منكم، ثم أيام المعلمي والكوثري ثم أيام الألباني وأبي غدة وأخيرا إلى الفوزان والصابوني ..
وبعد هذا كله ومعه تقولون أننا وإياكم فرقة واحدة ومنهج واحد فهذا مالا يعقله عقل ولا يصدقه تاريخ.
وهذا الخبر الصادق لا يمكن معه اختصار الفرق إلى سبعين ولا إلى سبع فضلا عن واحدة فالخير إذن كل الخير أن يبحث الإنسان عن الحق ويعتقده ويدعو إليه وإن خالفته الدنيا كلها وأن يجتنب الضلال ويدعو إلى نبذه ولو داهنه أصحابه كلهم، هذا هو الذي سار عليه رسل الله وأمر به الله فلا تصادموا سنة الله وتخالفوا منهج رسله والحمد لله رب العالمين ...
سفر بن عبد الرحمن الحوالي
¥