تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن فهم من الشرع أن الوفاء ـ إن حصل ـ فهو ـ إن شاء الله ـ كفارة النهي فلا يصدق عليه في هذا القسم معنى البدعة لأن الله تعالى مدح الموفين بالنذر والموفين بعهدهم إذا عاهدوا وإن لم يحصل الوفاء تمحض وجه النهي وربما أثم في الالتزام غير النذري ولأجل احتمال عدم الوفاء أطلق عليه لفظ البدعة لا لأجل أنه عمل لا دليل عليه بل الدليل عليه قائم

ولذلك إذا التزم الإنسان بعض المندوبات التي يعلم أو يظن أن الدوام فيها لا يوقع في حرج أصلا ـ وهو الوجه الثالث من الأوجه الثلاثة المبنه عليها ـ لم يقع في نهي بل في محض المندوبات كالنوافل الرواتب مع الصلوات والتسبيح والتحميد والتكبير في آثارها والذكر اللساني الملتزم بالعشي والإبكار وما أشبه ذلك مما لا يخل بما هو أولى ولا يدخل حرجا بنفس العمل به ولا بالدوام عليه

وفي هذا القسم جاء التحريض على الدوام صريحا ومنه كان جمع عمر رضي الله عنه الناس في رمضان في المسجد ومضى عليه الناس لأنه كان أولا سنة ثابتة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إنه أقام للناس بما كانوا قادرين عليه ومحبين فيه وفي شهر واحد من السنة لا دائما وموكولا إلى اختيارهم لأنه قال: والتي ينامون عنها أفضل

وقد فهم السلف الصالح أن القيام في البيوت أفضل فكان كثير منهم ينصرفون فيقومون في منازلهم ومع ذلك فقد قال: نعمت البدعة هذه فأطلق عليها لفظ البدعة ـ كما ترى ـ نظرا ـ والله أعلم ـ إلىاعتبار الدوام وإن كان شهرا في السنة وأنه لم يقع فيمن قبله عملا دائما أو أنه أظهره في المسجد الجامع مخالفا لسائر النوافل وإن كان ذلك واقعا في أصله كذلك فلما كان الدليل على ذلك القيام على الخصوص واضحا قال: نعمت البدعة هذه فحسنها بصيغة نعم التي تقتضي من المدح ما تقتضيه صيغة التعجب لو قال: ما أحسنها من بدعة! وذلك يخرجها قطعا عن كونها بدعة

وعلى هذا المعنى جرى كلام أبي أمامة رضي الله عنه مستشهدا بالآية حيث قال: أحدثتم قيام رمضان ولم يكتب عليكم إنما معناه ما ذكرناه ولأجله قال: فدوموا عليه ولو كان بدعة على الحقيقة لنهى عنه ومن هذه الجهة أجرينا الكلام على ما نهى صلى الله عليه وسلم عنه من التعبد المخوف الحرج في المآل واستسهلنا وضع ذلك في قسم البدع الإضافية تنبيها على وجهها ووضعها في الشرع مواضعها حتى لا يغتر بها مغتر فيأخذها على غير وجهها ويحتج بها على العمل بالبدعة الحقيقية قياسا عليها ولا يدري ما عليه في ذلك وإنما تجشمنا إطلاق اللفظ هنا وكان ينبغي أن لا يفعل لولا الضرورة وبالله التوفيق) انتهى.

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين [جزء 1 - صفحة 80]

(قال الشافعي رحمه الله في رسالته البغدادية التي رواها عنه الحسن بن محمد الزعفراني وهذا لفظه ((وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - في القرآن والتوراة والإنجيل وسبق لهم على لسان رسول الله ص - من الفضل ما ليس لأحد بعدهم فرحمهم الله وهنأهم بما أتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين أدوا إلينا سنن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - عاما وخاصا وعزما وإرشادا وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا ومن أدركنا ممن يرضى أو حكى لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم ليعلموا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - - فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا وهكذا نقول ولم نخرج عن أقاويلهم وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله)))

ولما كان رأي الصحابة عند الشافعي بهذه المثابة قال في الجديد في كتاب الفرائض في ميراث الجد والإخوة وهذا مذهب تلقيناه عن زيد بن ثابت وعنه أخذنا أكثر الفرائض وقال والقياس عندي قتل الراهب لولا ما جاء عن أبي بكر رضي الله عنه فترك صريح القياس لقول الصديق

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير