تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"إذا كانت الطرق والسكك والبنوك ودور التأمين والشركات بالمساهمة والجامعات والجمعيات الخيرية كلها تابعة لإدارة الحكومة , وإذا أصبحت – زيادة على ماسبق – البلديات والجماعات المحلية مع مايترتب عنها اليوم من مسؤوليات , أقساماً متفرعة عن الإرادة المركزية, إذا كانت الحكومة هي التي تعيّن موظفي تلك المصالح وتكافؤهم بحيث يعود أملهم في تحسين معاشهم معقوداً عليها , إذا حصل كل هذا , حينئذ تصبح الحرية اسماً بلا مسمى , رغم المحافظة على حرية الصحافة وعلى انتخاب المجلس التشريعي بالاقتراع العام".

ورغم أن الديمقراطية من إفرازات الليبرالية إلا أن (مل) ينتقد الديمقراطية لأنه يعتبرها هيمنة للأكثرية على حرية الأقلية ولو كان فرداً واحداً.

يقول ملْ:

"إن مشكلة الحرية تُطرح بإلحاح داخل الدولة الديمقراطية .. بقدر ما تزداد الحكومة ديمقراطية بقدر ما ينقص ضمان الحرية الفردية".

ويقول عن إنجلترا:"ليست هذه البلاد وطناً لحرية الفكر".

وتوضيح ذلك:

أن من مقومات الليبرالية المهمة ضرورة الاعتراض والمغايرة لينمو بذلك الفكر الحر أما إذا كانت الأمور مسلمة لا تحتمل النقد يجمد الفكر ويضمحل الابتكار.

يقول:"عندما نقبل أن تكون المبادئ مسلمات لاتحتمل النقد , وأن تكون المسائل الكبرى التي تهم البشر موضحة بدون نقاش محدد , حينذاك يضمر النشاط الفكري الذي طبع الفترات الذهبية من تاريخ الإنسان".

ويعتبر ذلك من أبرز صور الاستبداد لأن مخالفة الجمهور وحيوية النقاش وبلورة الشخصية الفردية هي أساس التطور والتقدم والتحديث , ومن لم يكن كذلك فلا تاريخ له بالمعنى الحقيقي.

يقول (مل):

"إن القسم الأكبر من الإنسانية لا يملك تاريخاً بالمعنى الحقيقي لأنه يئن تحت وطأة الاستبداد".

الدين في كتاب ستوارت ملْ (23)

يرى ملْ أن المجتمع الديني غير ليبرالي لأنه مجتمع في نظامه للحكم فردي استبدادي , ونظامه الاجتماعي العام مؤسس (24) على الإجماع في الرأي وعلى تحريم النقد والنقاش المفتوح.

وهو ينتقد كل دين أو مجتمع متشدد في قوانينه الأخلاقية والدينية أي التي يضعها فوق النقاش. بما في ذلك المجتمع اليوناني في زمن نهضة العلوم , والإصلاح الديني (البروتستانت) والمجتمع الإنجليزي والأمريكي.

ويصرح ملْ بنقد الدين في اعتراضه على تحريم تجارة الخمر ,فيقول:"إن التحريم يمس حرية الفرد لأنه يفترض الفرد لا يعرف مصلحته"

وكذلك تحريم أكل لحم الخنزير , فيقول:"إن للمسلمين الحق في تجنبهم لحم الخنزير لأنهم يعافونه , لكنهم عندما يحتقرون غيرهم ممن لا يعافه ويأكله , فإنهم يمسون بحرية ذلك الغير".

وهو يعارض فكرة الحسبة لأنه يعتبر ذلك وضعاً للنفس في موضع الإله , يقول:"إن الناس عندما ينهون غيرهم عن المنكر يعتقدون أن الله لا يكره فقط من يعصي أوامره , بل سيعاقب أيضاً من لم ينتقم في الحال من ذلك العاصي".ومن الطريف أن ستوارت ملْ يعود إلى الاعتراف بأهمية الحسبة ويناقض نفسه لمّا طرح الأسئلة التالية: هل يجوز السماح ببيع السم أو التبغ أو الخمر؟ هل يسمح للمرء أن يبيع نفسه لغيره؟ هل يجب إجبار المرء على التعلم؟ هل يجب تحديد النسل؟ ولنقارن الآن بين قول ملْ الآتي وبين إنكاره مفهوم الحسبة بأنه اتهام للإنسان أنه لا يعرف مصلحته يقول:"في كل قضية من القضايا السابقة إن عدم تدخل الدولة قد يؤدي إلى أن يضر المرء نفسه بنفسه: أن يبقى جاهلاً أو أن يبذر ماله أو أن يسمم أقرباءه أو أن يبيع نفسه , ولكن إذا تدخلت الدولة ومنعت بعض الأنشطة , فسيكون المنع بالنسبة للرجل العاقل تجنياً على حقه في التصرف الحر".

ويقول:" إذا كانت الدولة مسؤولة على تغذية الفقراء فلها الحق أن تحد النسل , أما إذا تركت الناس ينجبون كما شاؤوا فليس عليها أن تعيل الفقراء" (25)

وهنا يناقض ملْ نفسه في عدة قضايا:

- في تدخل الدولة للمصلحة لأنه ليس كل إنسان يعرف مصلحة نفسه.

- في إبطال قاعدة أن الإنسان يعرف مصلحته ولا يحتاج إلى وصاية.

- في إنكار مبدأ الحسبة وتقييد الحريات المطلقة.


(1) الموسوعة الفلسفية العربية (المجلد الثاني – القسم الثاني – ص / 1155).
(2) موسوعة لالاند الفلسفية 2/ 725.
(3) الموسوعة العربية العالمية 21/ 247.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير