وقال سبحانه عن الإنجيل " ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظاً مما ذكّروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وسوف ينبّئهم الله بما كانوا يصنعون".
وأن ما في أيدي اليهود والنصارى اليوم من التوراة والأناجيل المتعددة ليست هي عين التوراة المنزلة على موسى عليه السلام ولا عين الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام لانقطاع أسانيدها واحتوائها على كثير من التحريف والتبديل والاغاليط والاختلاف فيها واختلاف أهلها عليها واضطرابهم فيها وان ما كان منها صحيحاً فهو منسوخ بالاسلام وما عداه فهو محرف مبدّل فهي دائرة بين النسخ والتحريف.
نواقض الايمان بهذا الأصل لدى اليهود والنصارى:
لم يسلم الايمان بهذا الأصل العقدي والركن الايماني إلا لأهل الاسلام وأما أمة الغضب: اليهود، وأمة الضلال: النصارى، فقد كفروا به إذ لا يؤمنون بالقرآن ولا بنسخه لما قبله وينسبون ما في أيديهم من بقايا التوراة والإنجيل مع ما أضيف إليهما من التحريف والتبديل والتغيير إلى الله تعالى بل فيهما من الافتراء نسبة أشياء من القبائح إلى عدد من الأنبياء – حاشاهم من فرى الأفّاكين -.
من ذلك أن نسبت اليهود الردة إلى نبي الله سليمان عليه السلام وأنه عبد الأصنام – سفر الملوك الأول الاصحاح/11 عدد/5.
ونسبوا إلى نبي الله هارون عليه السلام صناعة العجل وعبادته له – الاصحاح /32 عدد/1 من سفر الخروج.
ونسبوا إلى خليل الله إبراهيم عليه السلام أنّه قدّم امرأته سارة إلى فرعون لينال الخير بسببها- الاصحاح/12 العدد/14 من سفر التكوين.
ونسبوا إلى لوط عليه السلام شرب الخمر حتى سكر ثم زنى بابنته كما في سفر التكوين الاصحاح /19 العدد/30. إلى غير ذلك قبحهم الله وأخزاهم.
ونسبت النصارى جد سليمان وداود فارض من نسل يهوذا بن يعقوب من نسل الزنى – انجيل متى، الاصحاح/1 العدد/10.
ونسبوا إلى يسوع إهانة أمه في وسط جمع من الناس – انجيل يوحنّا، الاصحاح/2 العدد/4
وقالوا ان يسوع شهد بأن جميع الأنبياء الذين قاموا في بني إسرائيل هم سراق ولصوص – انجيل يوحنّا، الاصحاح/10 عدد/8.
إن هذا كفر بالله من جهتين: من جهة نسبته إلى الوحي، ومن جهة الكذب على الأنبياء والرسل بذلك.
الأصل الرابع: الايمان بالرسل.
من أركان الايمان وأصول الاعتقاد الايمان بالرسل ايماناً جامعاً عاماً مؤتلفاً لا تفريق فيه ولا تبعيض ولا اختلاف، وهو يتضمن تصديقهم وإجلالهم وتعظيمهم كما شرع الله في حقهم وطاعتهم فيمن بعثوا به في الأمر والنهي والترغيب والترهيب وما جاؤوا به عن الله كافة.
قال تعالى " آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرّق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ".
والكفر برسول واحد كفر بجميع الرسل، قال تعالى " كذّبت قوم نوح المرسلين " وقال " كذّبت عادٌ المرسلين " وقال " كذّبت ثمود المرسلين " وقال " كذّبت قوم لوط المرسلين "، ومن المعروف أن كل أمة كذبت رسولها إلا أن التكذيب برسول واحد يعدّ تكذيباً بالرسل كلهم، ذلك أن الرسل حملة رسالة واحدة ودعاة دين واحد ومرسلهم واحد فهم وحدة يبشر المتقدم منهم بالمتأخر، ويصدق المتأخر المتقدم.
ومن هنا كان الايمان ببعض الرسل والكفر ببعض كفراً بهم جميعاً وقد وسَمَ الله من هذا حاله بالكفر " إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرّقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً ".
عموم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وبيان أنه خاتم الأنبياء والمرسلين:
وقد دلّت الآيات والأحاديث على عموم بعثة محمد صلى الله عليه وسلم إلى الناس جميعاً، قال تعالى " وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ولكن أكثر الناس لا يعلمون " وقال تعالى " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً " وقال تعالى " تبارك الذي نزّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً" وقال تعالى" وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ءأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ ".
¥