تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المالكية. وكان قد نقل كلاما عن شيخي الإسلام ابن تيمية وأبي زرعة الرازي، وآخر عن ابن خلدون فبينت له وجه كلامهم ومعناه، وأنه لا يفيده في دعواه الباطلة تلك.

ثم هاهو محمد الأمين يعود – ولم يستفد شيئا مما ذكرته به، ولم يحسن بعدُ أن يفرق بين (قول مالك خاصة) وبين (المذهب المالكي) - ويظن أنه قد أتى بما يؤيد دعواه الباطلة تلك، فنقل كلاما عن الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله - لم يعزه إلى مصدر، وما أظنه جوّد نقله، فقال: (قال أحمد في رواية المروذي: «كان مالك يُسأل عن الشيء، فيقدم، ويؤخر يبهت. وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون: "قال مالك"».

والحق يقال: إني لم أقف بعدُ على كلام الإمام أحمد هذا، وقد بلوت من محمد الأمين ما يدعوني إلى الانتظار حتى أعرف معنى كلام الإمام أحمد هذا جيدا، ومن هم المشار إليهم بهؤلاء. (أرجو من إخواني ممن يقف على هذا في أحد المصادر أن يرسل إلىّ به مشكورا).

والذي يعزز توقفي أني نقلت لمحمد الأمين شيئا من كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى 20/ 309 - 310، يقول فيه عن الإمام أحمد: ( ... وكان يفتي على مذهب أهل المدينة ويقدمه على مذهب أهل العراق تقريرا كثيرا، وكان يدل المستفتي على مذاهب أهل الحديث ومذهب أهل المدينة، ويدل المستفتي على إسحق وأبي عبيد وأبي ثور، ونحوهم من فقهاء أهل الحديث، ويدله على حلقة المدنيين حلقة أبي مصعب الزهري ونحوه، وأبو مصعب هو آخر من مات من رواة الموطأ عن مالك، مات بعد أحمد بسنة، سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وكان أحمد يكره أن يرد على أهل المدينة كما يرد على أهل الرأي، ويقول: إنهم اتبعوا الآثار).

قلت: مع أن أبا مصعب هذا – رحمه الله – قد كان له ميل إلى الاجتهاد بالرأي، مما دعا ابن أبي خيثمة – رحمه الله – أن يدعو ابنه إلى عدم أخذ الحديث عنه، وهو أي أبو مصعب الزهري – مع إجماعهم على ثقته وإخراج الجماعة لحديثه - ممن ينسبهم محمد الأمين إلى القول على الإمام مالك ما لم يقله، ففي دليل جديد استفاده محمد الأمين من المستشرق الدكتور موراني أثناء مناقشتي له حول الإمام مالك بين الحديث والرأي، يقول محمد الأمين – وبدون أن يعزو هذا للدكتور موراني مستدلا لدعواه الباطلة تلك: (والأمثلة على ذلك كثيرة. فمثلاً: يقول ابن عبد البر (على سبيل المثال) في الاستذكار (ج5 #7389): «وذكر أبو مصعب في مختصره عن مالك قال: لا يؤم الناس أحد قاعدا فان أمّهم قاعدا فسدت صلاته وصلاتهم». ورد هذا الكلام حرفاً حرفاً في المختصر (مخطوط القرويين، ص31، تأريخ النسخ 359هـ) بدون ذكر مالك بن أنس. أما القاضي عياض فهو يعتبر هذا المختصر "أقاويل مالك بن أنس". مع أن مالكَ لا ذكر له في الكتاب إلا أربع أو خمس مرات على مضى 348 صفحة!

وهذا كله كلام الدكتور موراني – كما في مشاركته رقم 20 في هذا الرابط - حاشا كلمة والأدلة على ذلك كثيرة، أو علامة التعجب في آخره.

وقد استفدنا من هذا – حسب زعم الدكتور موراني ومن تبعه مغترا بكلامه كما تبع ضلال الشيعة من قبلُ – شيئا لم يذكره لنا سلفنا الصالح من قبل، وهو كذب أبي مصعب، وسكوت الحافظ أبي عمر ابن عبد البر على ذلك، أو أنه جهل هذا ولم يفرق حياتَه بين قول إمامه مالك وكلام غيره، وأعوذ بالله من قول يفضي إلى ذلك، وحتى لا أظلم محمدا الأمين أنقل لإخواني كلامه كله بسباقه وسياقه فليصبروا عليّ – أما محمد الأمين فلا يحتمل الطول ولذلك عري من التحقيق العلمي – قال في مقاله النسخة الرابعة: (بعد موت مالك أسس تلامذته مذهبه وأصبح لمالك مذهب دون أن يدري أنه سيخلد كصاحب مذهب، ففي الوقت الذي مات فيه مالك نادماً على الفتاوى التي أفتاها جُمعت تلك الفتاوى وفق مذهب سُمي باسمه على يد تلامذته (خاصة من الأفارقة والأندلسيين). وكما أجرى تلامذة أبو حنيفة تعديلات على مذهبه، فعل كذلك تلامذة مالك تعديلات على مذهبه، أمثال أسد بن الفرات وعبد الملك بن حبيب ومحمد بن إبراهيم بن زياد الإسكندري (انظر مقدمة ابن خلدون ص285، ط دار الهلال). قال أحمد في رواية المروذي: «كان مالك يُسأل عن الشيء، فيقدم، ويؤخر يبهت. وهؤلاء يقيسون على قوله ويقولون: "قال مالك"».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير