تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والأمثلة على ذلك كثيرة. فمثلاً: يقول ابن عبد البر (على سبيل المثال) في الاستذكار (ج5 #7389): «وذكر أبو مصعب في مختصره عن مالك قال: لا يؤم الناس أحد قاعدا فان أمّهم قاعدا فسدت صلاته وصلاتهم». ورد هذا الكلام حرفاً حرفاً في المختصر (مخطوط القرويين، ص31، تأريخ النسخ 359هـ) بدون ذكر مالك بن أنس. أما القاضي عياض فهو يعتبر هذا المختصر "أقاويل مالك بن أنس". مع أن مالكَ لا ذكر له في الكتاب إلا أربع أو خمس مرات على مضى 348 صفحة!

الجديد في الطبعة الرابعة من المقال هو تغيير رقم الصفحة من مقدمة ابن خلدون وذكر دار النشر، وهذا لم يغير شيئا لأن ابن خلدون لم يقل ذلك أبدا لا في هذه الطبعة من كتابه ولا في الطبعة السابقة.

والجديد أيضا هو كلام الإمام أحمد – رحمه الله – وما بعده، فهل حقا ما يزعمه الدكتور موراني وتبعه عليه محمد الأمين تقليدا؟!! والتقليد عيب، وخاصة في قول يلزم منه ما تقدم.

أئمتنا من أهل العلم والصدق الذين هم أعرف الناس بهذه الأمور يقول أحدهم: (وله كتاب مختصر في قول مالك مشهور). القاضي عياض في المدارك 3/ 347، ويذكر في كتابه [الغنية] روايته لهذا المختصر عن بعض شيوخه 102، وابن عبد البر – رحمه الله – وهو الصادق الأمين - ينقل عن هذا المختصر ويقول بدون أدني تحفظ إن أبا مصعب يذكر عن مالك ...

دليل الدكتور موراني على ما يدعيه هو عدم ذكر اسم الإمام مالك قبل كل قول في الكتاب، باستثناء أربع أو خمس مرات، ونحن لا نستغرب هذا منه، لأن أساتذته يقولون: (يجب ألا يؤخذ كل حديث من أحاديث الأحكام عن النبي على أنه رواية صحيحة تصح عن زمنه أو زمن صحابته، حتى يثبت العكس، ولو كان الحديث غير مشتهر، بل يؤخذ على أنه صياغة لحكم شرعي مختلفة صيغت في وقت لاحق) ويسيرون على قاعدة: (السكوت عن الحديث في موطن الاحتجاج دليل على عدم وجوده). فكيف به مع أقوال الإمام مالك – رحمه الله – فهو يسير على منهج اختطه لنفسه فلا تثريب عليه. وإن كنا – معاشر المسلمين - نراه باطلا شكلا ومضمونا.

أما صاحبنا الذي ينتسب لأهل الحديث، فما كان ينبغي له أن يقول هذا أو يوافق عليه، لأنه يعلم يقينا أن أئمتنا ما كانوا يجرؤون على فعل ذلك البتة – وإن وقع شئ من ذلك فمحمول على السهو والغلط لا شك عندهم- أما أن ينسبوا لأحد ما لم يقله فكبيرة عندهم تسقط صاحبها.

فيا دكتور موراني: هل إذا عرف أصل الكتاب وسبب جمعه، وكلام من الذي في أوله وآخره، يحتاج صاحبه أن يقول في كل مسألة ينقلها عنه: قال فلان؟

ثم هل ذكرت لنا بأدلة علمية أن الكلام الذي في مختصر أبي مصعب إذ لم يكن من كلام مالك كلام من هو؟

ثم هل قابلت كلام أبي مصعب الذي ينسبه لمالك – رحمه الله – بكلامه الذي نقله عنه تلامذته الآخرون وقارنت لعلك تجده مطابقا، فتعلم حينئذ صحة نسبة ما في مختصر أبي مصعب جملة للإمام مالك.

ولنأخذ مثلا على ذلك ما نقله الدكتور عن الحافظ ابن عبد البر في الاستذكار 5/ 393 - 394 أنه قال: (وذكر أبو مصعب في مختصره عن مالك قال: لا يؤم الناس أحد قاعدا، فإن أمهم قاعدا فسدت صلاته وصلاتهم.

قال: فإن كان الإمام عليلا تمت صلاته وفسدت صلاة من خلفه.

قال: ومن صلى قاعدا من غير علة أعاد الصلاة.

فعلى رواية أبي مصعب – لا حظ – هذه عن مالك تجب الإعادة على من صلّى خلف إمام مريض جالس في والوقت وبعده.

وقد روي عن مالك أنهم يعيدون في الوقت خاصة).

هذا كله ما نقله ابن عبد البر، وما علق به عليه. والدكتور يأخذ على ابن عبد البر أن نسب هذا لمالك، وليس في المخطوط الذي بين يديه ذكر لمالك، ونحن إذا تجاوزنا أن عدم ذكره في المخطوط الذي بين يدي الدكتور = لا يعني أبدا عدم ذكره في المخطوط الذي ينقل منه الحافظ ابن عبد البر. و ذهبنا إلى المدونة 1/ 81 طبعة ساسي المغربي التونسي، لوجدنا ابن القاسم يذكر عن الإمام مالك: (لا ينبغي لأحد أن يؤم في النافلة قاعدا، قال: ومن نزل به شئ وهو إمام حتى صار لا يستطيع أن يصلي بهم إلا قاعدا فليستخلف غيره يصلي بالقوم، ويرجع هو إلى الصف فيصلي بصلاة الإمام مع القوم، وسألنا مالكا عن المريض الذي لا يستطيع القيام يصلي جالسا ويصلي بصلاته ناس، قال: لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير