تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: المالكية لا يعتمدون على هذا فقط في نفي ذلك عن إمامهم، بل هم يذكرون هذا عن ابن وهب عن مالك، كما ذكره الإمام الخليلي في الإرشاد عنه 1/ 206.

وكذلك ينقلونه عن أبي الحسن علي بن زياد الإسكندراني – وليس التونسي – قال القاضي عياض - رحمه الله – في المدارك 3/ 290 طبعة المغرب: (من رواة مالك المشهورين وأهل الخير والزهد، يعرف بالمحتسب، ولم يشتهر في الفقهاء من أصحاب مالك، لكن له رواية عن مالك في الحديث والمسائل، وهو الذي روى عن مالك إنكار مسألة وطء النساء في أدبارهن.

قال بعض رواة مالك: حضرت علي بن زياد يسأل مالكا فقال: عندنا يا أبا عبد الله بمصر قوم يتحدثون عنك أنك نجيز وطء النساء في أدبارهن فقال مالك: كذبوا عليّ عافاك الله).

وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره: (وروى معمر بن عيسى عن مالك أن ذلك حرام).

وقال عقب ذكر الرواية التي أشار إليها محمد الأمين: (هذا هو الثابت عنه) يعني حرمته ولم يشر – رحمه الله لتضعيف إسماعيل بن حصن.

وفي تلخيص الحبير3/ 212: ( ... وقال أحمد بن أسامة التجيبي نا أبي سمعت الربيع بن سليمان الجيزي يقول: أنا أصبغ، قال: سئل ابن القاسم عن هذه المسألة وهو في الجامع فقال: لو جعل لي ملء هذا المسجد ذهبا ما فعلته. قال: ونا أبي سمعت الحارث بن مسكين يقول: سألت ابن القاسم عنه فكرهه لي، قال: وسأله غيري فقال: كرهه مالك).

ثم قال محمد الأمين – ناقلا هذا وغيره من مصادر الشيعة لأن ما ينقلون عنه ما أظنه وقف عليه، ولذلك لا يسميه وحتى إن سماه فما أظنه يعرف مصدره الأصلي-: (وقد انسحب هذا على عدد من المالكية الذين أباحوا نكاح المرأة في دبرها. قال القاضي عياض: كان القاضي أبو محمد عبد الله بن إبراهيم الأصيلي (ت 392هـ) يجيزه ويذهب فيه إلى أنه غير محرم. وصنف في إباحته محمد بن سحنون (ت259هـ)، ومحمد بن شعبان (ت355هـ)، ونقلا ذلك عن جمع كثير من التابعين. وفي كلام ابن العربي (543هـ) والمازري (ت526هـ) ما يومئ إلى جواز ذلك أيضاً. وحكى ابن بزيزة في تفسيره، عن عيسى بن دينار (ت212، وهو من مفاخر مالكية الأندلس!) أنه كان يقول: «هو أحل من الماء البارد».

قلت: هكذا ينجر محمد الأمين وراء من يريد الطعن على علماء أهل السنة، فينسب للقاضي عياض مالم يقله – وهذا ديدن محمد الأمين – ويظلم الأصيلي الإمام – رحمه الله – فينسب إليه ما ليس من مذهبه، ويغمز الإمامين الجليلين ابن العربي والمازري بما لم يتفوها به، بل لعله لم يخطر لهما على بال قط.

فأول ما يفهمه من وقف على هذا الكلام، أنه كله من كلام القاضي عياض، وأنا هنا أطالب محمدا الأمين أن يذكر لنا مصدر هذا الكلام عن القاضي عياض من خلال أحد كتبه المطبوعة أو المخطوطة، أو يذكر مصدرا معتمدا من كتب المالكية ذكر هذا عنه، وما أظنه يفعل بل سيحيلنا – إن تواضع – على مصدر آخر لم يره محمد الأمين، نقل منه بعض الشيعة هذا الكلام. فلعله يذكر هذا المصدر في تعديل جديد في مقاله.

وهذا النقل كاملا عن القاضي ما أظنه يصح أبدا، وإنما له الجملة الأولى على غلط ناقلها عنه - وإن كان إماما مقدما – والذي نقل هذا عن الإمام المشار إليه هو الشيخ مرتضى الزبيدي في شرحه على الإحياء، وعليه اعتمد ضلال الشيعة، وأوهموا أنه كله من كلام القاضي عياض، حتى يصدق الناس هذا لأنه مالكي المذهب، وهذا ما يوحي به صنيع محمد الأمين هنا أيضا.

وقد فاتهم جميعا أن القاضي قد ذكر رأي الأصيلي في المدارك 7/ 141 فقال: ( ... ويرد القول بإتيان النساء في أعجازهن كراهة من غير تحريم، على أن الآثار في ذلك شديدة، وقد ورد في بعضها التحريم ولعن فاعله).

وقال الإمام الذهبي في السير 16/ 560 في ترجمة الأصيلي عن عياض: (يرى النهي عن إتيان أدبار النساء على الكراهية). ونقل نص القاضي أيضا الصفدي في الوافي 17/ 7.

هذا هو المعروف المنقول من رأي الأصيلي – رحمه الله – فأين الكراهة من الجواز؟!!.

والذي يبطل نسبة النص المتقدم كاملا للقاضي عياض أيضا ذكر ابن بزيزة فيه، إذ قد ولد ابن بزيزة عبد العزيز بن إبراهيم بن أحمد القرشي أبو محمد التميمي التونسي سنة 606 هجرية وتوفي 662. فأين هو من القاضي عياض المتوفى قبل مولد ابن بزيزة بقرابة الستين سنة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير