تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما القول بأن في كلام ابن العربي والمازري ما يشير إلى جوازه؛ فهذه كتبهم بين أيدينا فليبين لنا محمد الأمين ذلك مشكورا. وإن كان قد فهم هذا من ذكرهم الخلاف في المسألة، فما أبعده من فهم، وهل هذه إلا طريقة الفحول من أهل العلم؟

وأما نسبته إلى عيسى بن دينار فمما انفرد به ابن بزيزة إن صح النقل عنه، ولم أجد من ذكر هذا عنه – ابن دينار - مع شدة البحث في ترجمته – رحمه الله – فالله أعلم بالحال.

والذي يغلب على الظن أن هذا من رواية عيسى بن دينار – رحمه الله – وليس من رأيه، فالعبارة المنقولة عنه منسوبة في البيان والتحصيل لغيره، والذي يساعد على هذا ما رأيته في المطبوع من تفسير الإمام ابن عرفة من رواية تلميذه الأبي – رحمه الله – حيث قال 2/ 648: (قال ابن بزيزة في شرح الجمل .... وأسند عنه عيسى بن دينار فقال: ... ) وذكر العبارة التي ينسبها محمد الأمين لعيسى بن دينار. فالله أعلم.

ووضْع محمد الأمين علامة التعجب، بعد قوله عن عيسى بن دينار: (من مفاخر مالكية الأندلس!) يدل على شدة حنقه على علماء المالكية، ولا ندري إلى يومنا هذا سببه، وما أظن أننا نعرف ذلك إلى يوم القيامة، والرجل - رحمه الله – إمام علامة قال ابن حزم – رحمه الله – عن أحد كتبه منصفا: (وألفت عندنا تآليف في غاية الحسن، لنا خطر السبق في بعضها، منها: كتاب [الهداية] لعيسى بن دينار، وهى أرفع كتب جمعت في معناها على مذهب مالك وابن القاسم، وأجمعها للمعاني الفقهية على المذهب .. ). فضائل الأندلس 12، طبعة صلاح الدين المنجد.

ووصفه الإمام الذهبي في السير عند ترجمته في الجزء العاشر بقوله: (فقيه الأندلس ومفتيها).

فما يضيره - رحمه الله – بعد هذه الشهادات، أن وضع محمد الأمين علامة التعجب بعد ذكر اسمه والثناء عليه؟!!

وأما قول ابن سحنون وابن شعبان – رحمهما الله – بجواز هذا، فيحتاج لتوثيق، فليس مجرد التأليف في ذلك بدليل على أنهما يريان جواز هذا، يؤكد ذلك أن الكتاب الذي ينقل عنه أهل الضلال وفي نفس الصفحة التي يشيران إليها، 6/ 182 من إتحاف السادة المتقين للزبيدي، طبعة دار الكتب العلمية، جاء فيها: (و ضيق في إباحته محمد بن سحنون ... ) فما الذي غيّره إلى: وصنف في إباحته ... ، مع العلم أن الكثير من أهل العلم ممن ترجم لهذين لم يذكروا عنهما القول بإباحته، ولو كان معروفا عنهما لذكر، أما التأليف في ذلك فلا يدل على شئ، خصوصا أن عنوان كتاب ابن شعبان هو (جماع النسوان) وهذا الاسم يدل على أنه لم يؤلف كتابه لهذه المسألة خاصة، وإن كان قد أفاض فيها القول.

وقد قال أبو بكر ابن العربي في الأحكام 1/ 172: ( ... وقد جمع ذلك ابن شعبان في كتاب جماع النسوان وأحكام القرآن ... ) فليس في كلامه ولا كلام الكثير غيره مما وقفت عليه ما يشير إلى اختياره للجواز، وكذلك الحال مع ابن سحنون فالله أعلم. وكان أبوه سحنون – رحمه الله – يفتي بأن من أتي امرأته في دبرها يجلد دون الحد، كما في أحكام الشعبي المالقي، ص 199 دار الغرب الإسلامي.

تنبيه: لا يعترض عليّ محمد الأمين أني نقلت بعض كلام ابن العربي، وكذا بعض كلام ابن عرفة - مع ملاحظة عدم تأثير المحذوف على المراد فهمه - وتركتُ أوله وآخره لأني فعلت ذلك عن عمد، مراعاة للمصلحة، مقتصرا على الغرض من النقل فقط.

وأخيرا فإن ألف ابن شعبان وابن سحنون في ذلك حسب ما يدعي محمد الأمين، فقد ألف في إبطال ذلك عن الإمام مالك – رحمه الله – العلامة أبو العباس القرطبي – صاحب الشيوخ المجاهيل لعلك تذكره محمدا الأمين – فقال في المفهم4/ 157: (وقد تواردت – لاحظ هذه الكلمة - روايات أصحاب مالك عنه بإنكار ذلك القول وتكذيبه لمن نقل ذلك عنه، وقد حكينا نص ما نقل عن مالك من ذلك في جزء كتبناه في هذه المسألة سميناه [إظهار إدبار من أجاز الوطء في الأدبار] وذكرنا فيه غاية أدلة الفريقين ... ).

ثم ذكر محمد الأمين كلاما لابن العربي، لا أدري عرف مصدره أم اكتفى بنقله عن أهل الضلال، قال: (قال أبو بكر بن العربي في "سراج المريدين": «والمسألة مشهورة. صنّف فيها محمد بن سحنون جزءاً، وصنف فيها ابن شعبان كتاباً، وبيّن أن حديث ابن عمر ... ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير