تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم في تعديل جديد ألصق محمد الأمين في مقاله جملة نسبها الإمام الزركشي في البحر المحيط خطأ للإمام الشافعي وهي من كلام مناظره، أخذها محمد الأمين من مشاركة للشيخ أبي عبد الرحمن مبارك في موضوع (سؤال عن أصل: الأخذ بعمل أهل المدينة ... ) كتبه الشيخ هيثم حمدان.

قال محمد الأمين: (وقال كذلك في كتاب "اختلاف الحديث" عن إجماع أهل المدينة: «قال بعض أصحابنا (يعرض بمالك): "إنه حُجة". وما سمعت أحداً ذكر قوله، إلا عابه. وإن ذلك عندي معيب».).

وقد ذكرت هناك أني بحثت في كتاب اختلاف الحديث للشافعي سراعا ولم أجد هذه الجملة، وذكرت من كتاب [جماع العلم] للإمام الشافعي ما عساه يصحح هذا النقل.

وقد كتب بعدي الشيخ الفاضل ابن وهب يؤيد ذلك، وأنا هنا أطلب من محمد الأمين أن يذكر لنا رقم الصفحة التي بها هذه الجملة، فإن لم يستطع – ولن يستطيع بإذن الله – فليحذف ذلك خيرا له. وإلا أصبح هذا دليلا جديدا على تقوّله على أهل العلم ما لم يقولوه، وهذا في مقاله كثير.

ثم يقول محمد الأمين: وكمثال على ما سبق نذكر مسألة المتبايعان بالخيار.

قلت: ثم أخذ محمد الأمين يصول ويجول في هذا، ولولا ما أخذته على نفسي من عدم مناقشة المسائل الفقهية، وتركها لمظان ذلك وهو كتب الخلاف المعروفة = لذكرت لمحمد الأمين شيئا من كلام المالكية في بيان هذه المسألة، وسقت له ما يتعرف به على طريقة إيرادهم لحججهم وأدلتهم في هذا، وكيفية فهمهم للنصوص وتعاملهم معها.

والذي يهمني هنا هو قوله: (وأما محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، فقد كان أحسن أدباً مع حديث النبي ?، فقال بعد أن روى هذا الحديث عن مالك: «وبهذا نأخذ». لكنه أوّل الحديث بالتفرقة بالكلام، على خلاف ظاهر الحديث).

قلت: هذه مثل قوله في أحد مشاركاته في الملتقى عن الإمام مالك: إنه أكثر مخالفة للآثار من أبي حنيفة - رحمه الله – فهل يصدق هذا محمد الأمين فضلا عن غيره؟ أم هي مجرد الرغبة في الطعن على مالك والتشغيب عليه؟!!

ثم أليس مالك يقول: بهذا أيضا وهو أن التفرق في الحديث بالأقوال، فما الفرق بينهما، إذا كانت النتيجة واحدة؟

ولعل قائلا يقول: إن مالكا في هذا أحسن حالا، لأنه رجع في فهم الحديث إلى العمل المستمر في أهل المدينة، وهذا قلل الشذوذ في مذهبه بناء على قول محمد الأمين نفسه وفي مقاله هذا، ولكنه ينسى، فتضعف حجته، ويطيش سهمه. أما محمد بن الحسن فرجع إلى اللغة وأشياء أخر لعلها أضعف من العمل حجية.

وقوله: وقال بعض المالكيين المتعصبين: «دفعه مالك بإجماع أهل المدينة على ترك العمل به وذلك عنده أقوى من خبر الرجال»!! وزاد بعض من لم يتورع عن الكذب بأن هذا هو مذهب فقهاء المدينة السبعة وإجماعهم. ولا شك أن تلك الفرية لا تصح. إذ لم يُرْوَ عن أحد ترك العمل به نصّاً إلاَّ عن مالك. فأين النقل عن فقهاء المدينة حتى تزعموا إجماعهم؟

قلت: لو أردنا أن نستعمل نفس أسلوب محمد الأمين الذي يُجابه به أهل العلم الذين برأهم الله مما يقول ويزعم، في الحكم على آرائه الشاذة التي يخرج بها على الناس، ونقوله المحرفة المبتورة، والضعيفة والواهية = لكان كل ما يقوله في حق أهل العلم الذين يشير إليهم به ألصق، وإليه أقرب.

وذلك أن بين أيدينا عدة نصوص محرفة ذكرها محمد الأمين في مقاله، وعدة نصوص مبتورة، وهناك عدة أقوال نسبها إلى بعض الأئمة لم يقولوها.

والتعصب المقيت، والتحامل الشديد في مقاله على الإمام مالك أوضح من أن يستدل له، وخصوصا بعد ما رآه من التعليقات على مقاله من كاتب هذه الأسطر وغيره، بينما أهل العلم الذين يشير إليهم من الممكن أن يتأول لكلامهم ذاك بعدة تأويلات بدل الجرأة الهوجاء والرغبة الملحة في نسبتهم إلى الكذب، والتعصب وغير ذلك من الألفاظ التي لا تليق.

والنقل عن بعض أهل المدينة ذكره العلماء العدول، قال ابن عبد البر – رحمه الله – في الاستذكار20/ 227: (وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وقول إبراهيم النخعي وأهل الكوفة، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وطائفة من أهل المدينة.

وهو قول سفيان الثوري في رواية عبد الرزاق عنه).

وقال أيضا 20/ 333: (لا يصح دعوى إجماع أهل المدينة في هذه المسألة لأن الاختلاف فيها بالمدينة معلوم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير