تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكان على صاحب المقال قبل أن يسوق هذا الكلام مساق الشامت، أن ينظر في رسالة شيخ الإسلام التي وضعها في موقعه [صحة أصول أهل المدينة] والتي حاول إفساد أولها بتعليقات ساذجة فجة، حتى إذا وصل شيخ الإسلام إلى مواطن التفضيل الحقيقية كاع صاحب المقال ولم ينبس ببنت شفة – كما يقولون – فمِن كلام شيخ الإسلام فيما أشار إليه الذهبي – رحمه الله – قوله 20/ 381: (وأما العقوبات والأحكام فمذهب أهل المدينة أرجح من مذهب أهل الكوفة من وجوه:

أحدها: أنهم يوجبون القود في القتل بالمثقل كما جاءت بذلك السنة وكما تدل عليه الأصول. بل بالغ مالك حتى أنكر الخطأ شبه العمد، وخالفه غيره في ذلك لهجر الشبه، لكنه في الحقيقة نوع من الخطأ امتاز بمزيد حكم فليس هو قسما من الخطأ المذكور في القرآن .... ).

و قوله 384: (ومن ذلك أن أهل المدينة يرون [العقوبات المالية] مشروعة حيث مضت بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين كما أن العقوبات البدنية مشروعة حيث مضت بها السنة، وقد أنكر العقوبات المالية من أنكرها من أهل الكوفة ومن اتبعهم وادعوا أنها منسوخة، ومن أين يأتون على نسخها بحجة؟ وهذا يفعلونه كثيرا إذا رأوا حديثا صحيحا يخالف قولهم. وأما علماء أهل المدينة وعلماء الحديث فرأوا السنن والآثار قد جاءت بالعقوبات المالية كما جاءت بالعقوبات البدنية: مثل كسر دنان الخمر؛ وشق ظروفها؛ وتحريق حانوت الخمار. كما صنع موسى بالعجل، وصنع النبي صلى الله عليه وسلم بالأصنام، وكما أمر عليه السلام عبد الله بن عمرو بتحريق الثوبين المعصفرين، وكما أمرهم عليه السلام بكسر القدور التي فيها لحم الحمر ثم أذن لهم في غسلها، وكما ضعف القود على من سرق من غير الحرز، وفي حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب غرم الضالة المكتومة وضعف ثمن دية الذمي المقتول عمدا ... ).

وقوله 20/ 393: ( ... وكذلك كانت الأمصار التي ظهر فيها مذهب أهل المدينة، يكون فيها من الحكم بالعدل ما ليس في غيرها، من جعل صاحب الحرب متبعا لصاحب الكتاب، مالا يكون في الأمصار التي ظهر فيها مذهب أهل العراق ومن اتبعهم؛ حيث يكون في هذه والي الحرب غير متبع لصاحب العلم. وقد قال الله تعالى في كتابه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ. . .} الآية، فقوام الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر،) وكفى بربك هاديا ونصيرا).

ودين الإسلام أن يكون السيف تابعا للكتاب، فإذا ظهر العلم بالكتاب والسنة وكان السيف تابعا لذلك كان أمر الإسلام قائما، وأهل المدينة أولى الأمصار بمثل ذلك. أما على عهد الخلفاء الراشدين فكان الأمر كذلك، وأما بعدهم فهم في ذلك أرجح من غيرهم.

وأما إذا كان العلم بالكتاب فيه تقصير، وكان السيف تارة يوافق الكتاب وتارة يخالفه، كان دين من هو كذلك بحسب ذلك، وهذه الأمور من اهتدى إليها وإلى أمثالها تبين له أن أصول أهل المدينة أصح من أصول أهل المشرق بما لا نسبة بينهما ... ).

وقوله: 395 - 396 (وأهل المدينة والسنة فرقوا بين ما فرق الله بينه واتبعوا النص الصحيح والقياس المستقيم العادل. فإن القياس الصحيح من العدل وهو التسوية بين المتماثلين والتفريق بين المتخالفين.

وأهل المدينة أحق الناس بإتباع النص الصحيح والقياس العادل، وهذا باب يطول استقصاؤه وقد ذكرنا من ذلك ما شاء الله من القواعد الكبار في القواعد الفقهية وغير ذلك، وإنما هذا جواب فتيا نبهنا فيه تنبيها على جمل يعرف بها بعض فضائل أهل المدينة النبوية، فإن معرفة هذا من الدين لاسيما إذا جهل الناس مقدار علمهم ودينهم، فبيان هذا يشبه بيان علم الصحابة ودينهم إذا جهل ذلك من جهله. فكما أن بيان السنة وفضائل الصحابة وتقديمهم الصديق والفاروق من أعظم أمور الدين عند ظهور بدع الرافضة ونحوهم، فكذلك بيان السنة ومذاهب أهل المدينة وترجيح ذلك على غيرها من مذاهب أهل الأمصار أعظم أمور الدين عند ظهور بدع الجهال المتبعين للظن وما تهوى الأنفس والله أعلم).

إلى غير ذلك من بيانه وإنصافه – رحمه الله -.

وأخيرا:

وما من كاتب إلا سيلقى - - غداة الحشر ما كتبت يداه

فلا تكتب بكفك غير شئ - - يسرك في القيامة أن تراه

ـ[أبو فالح عبدالله]ــــــــ[20 - 03 - 06, 03:14 ص]ـ

جزاكم الله تعالى خيراً ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير