تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[06 - 04 - 06, 06:46 م]ـ

119 – (13/ 398) قال الحافظ: "قال ابن بطال: لا يحمل ذكر الإصبع على الجارحة، بل يحمل أنه صفة من صفات الذات .... وعن ابن فورك: يجوز أن يكون الإصبع خلقا يخلقه الله فيحمله الله ما يحمل الإصبع، ويحتمل أن يراد به القدرة والسلطان ... ".

وذلك في كلامه على حديث رقم 7414، كتاب التوحيد، بآب 19.

قال الشيخ البراك: هذا الحديث يستدل به أهل السنة على إثبات الأصابع لله عز وجل، وأنها من صفة يديه؛ لأن هذا هو المفهوم من لفظ الإصبع في هذا السياق، وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم اليهودي على قوله كما فهم ابن مسعود رضي الله عنه بقوله: "فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبًا وتصديقًا له"، ويؤيد ذلك قراءة النبي صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: "وما قدروا الله حق قدره". وقول أهل السنة في الأصابع لله تعالى كقولهم في اليدين والوجه وغير ذلك من الصفات؛ وهو الإثبات مع نفي مماثلة المخلوقات، ونفي العلم بالكيفية على حد قول الأئمة في الاستواء: "الاستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب". إذا ثبت هذا فما نقله الحافظ عن ابن بطال وابن فورك وابن التين دائر بين التفويض كما هو ظاهر قول ابن بطال، والتأويل كما هو ظاهر قول ابن فورك وابن التين.

وأهل التفويض والتأويل لا يثبتون المعاني الظاهرة من نصوص الصفات بل ينفونها. ثم منهم من يوجب في تلك النصوص التفويض، ومنهم من يوجب التأويل المخالف لظاهر اللفظ بغير حجة توجب ذلك، وهذه حقيقة التحريف كما هو ظاهر في تأويلات ابن فورك للإصبع المذكور في هذا الحديث، فنعوذ بالله من الضلال.

120 – (13/ 398) قال الحافظ: " وقد تقرر أن اليد ليست بجارحة .... ".

وذلك في كلامه على حديث رقم 7414، كتاب التوحيد، باب 19.

انظر التعليقين (2) (102)

121 – (13/ 398) قال الحافظ: قال الخطابي " ولعل ذكر الأصابع من تخليط اليهودي؛ فإن اليهود مشبهة وفيما يدعونه من التوراة ألفاظ تدخل في باب التشبيه ولا تدخل في مذاهب المسلمين الخ

وقول القرطبي: هذا كله قول اليهودي، وهم يعتقدون التجسيم وأن الله شخص ذو جوارح كما يعتقده غلاة المشبهة من هذه الأمة، وضحك النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو للتعجب من جهل اليهودي .. الخ

وذلك في كلامه على حديث رقم 7414، كتاب التوحيد، باب 19.

قال الشيخ البراك: من العجب إفراط الحافظ عفا الله عنا وعنه في نقل أقوال المتأولين من النفاة لحقائق كثير من الصفات مع ما فيها من التمحلات والتكلفات في صرف الكلام عن وجهه بشبهات واهية؛ مثل التشكيك في تفسير ابن مسعود رضي الله عنه لضحك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "تصديقًا له"، وتخطئة ابن مسعود رضي الله عنه في خبره ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو المشاهد للقصة والأعلم بدلالة حال النبي صلى الله عليه وسلم ومقاله. هذا، ولو لم يرد هذا التفسير من ابن مسعود رضي الله عنه لكان ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وتلاوته للآية كافيًا في تقرير ما قاله اليهودي من ذكر الأصابع، وجعل المخلوقات عليها. وأما الحمل في ذلك على اليهود، وأن اليهود مشبهة، فنعم اليهود مشبهة فيما نسبوه إلى الله تعالى من النقائص؛ كالفقر والإعياء والبكاء. وأما ما وصفوا الله به مما دل عليه القرآن والسنة فلا يجوز رده لوروده على بعض ألسنتهم؛ فلو لم يقرّ الرسول صلى الله عليه وسلم اليهودي بما قال لما صح الاستدلال بقول اليهودي على إثبات الأصابع، بل كان الواجب التوقف فيه كما هو الواجب في كل ما يحدث به بنو إسرائيل فيما لم يرد به دليل على ثبوته ولا نفيه.

وفي كلام الخطابي والقرطبي عفا الله عنهما تخبطٌ حملهما عليه أصلهما الفاسد الذي استقر في عقليهما وعقول كثير ممن لم يفهم حقيقة مذهب السلف الصالح.

وذلك الأصل الفاسد هو نفي حقائق هذه الصفات كالوجه واليدين والأصابع والعينين، وكالمحبة والرضا والغضب، والضحك والفرح إلى غير ذلك؛ بشبهة أن إثباتها يستلزم التشبيه، وهي عين الشبهة التي نفت بها الجهمية أسماء الله وصفاته. فما يرد به الأشاعرة - ونحوهم ممن يفرق بين الصفات - على الجهمية والمعتزلة هو ما يرد به أهل السنة عليهم فيما وافقوا فيه المعتزلة والجهمية.

فلا بد للأشاعرة ونحوهم من الرجوع إلى المذهب الحق البريء من التناقض - وهو مذهب أهل السنة والجماعة - أو الخروج إلى مذهب المعطلة من الجهمية والمعتزلة، فلا مخلص لهم من تناقضهم إلا بأحد الأمرين، فالواجب الاعتصام بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على فهم السلف الصالح الذين مذهبهم هو الأسلم والأعلم والأحكم خلافًا لما زعمه بعض الخلف، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

وبعد فقد أحسن الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في تعقبه على من خطَّأ ابن مسعود في فهمه من ضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديق قول اليهودي، وأحسن كذلك في إيراده تعقب ابن خزيمة لمن منع صفة الأصابع لله تعالى؛ ونص كلام ابن خزيمة كما ورد في كتاب التوحيد له: «وقد أجَلَّ الله قدر نبيه صلى الله عليه وسلم عن أن يوصف الخالق بحضرته بما ليس من صفاته فيسمعه فيضحك عنده، ويجعل بدل وجوب النكير والغضب على المتكلم به ضحكًا تبدو نواجزه تصديقًا وتعجبًا لقائله. لا يصف النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة مؤمن مصدق برسالته» [كتاب التوحيد 1/ 178 ط. الرشد] ويريد ابن خزيمة – رحمه الله – بذلك أنه يلزم من ينفي صفة الأصابع لله عز وجل مع ثبوت ضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقًا لوصف اليهود لله تعالى بذلك؛ يلزم هذا النافي أن يصف النبي صلى الله عليه وسلم بالضحك وإقرار الباطل بدلاً من إنكار ذلك والغضب منه؛ فيصف النبي صلى الله عليه وسلم بترك الواجب وقد أجلَّه الله عن ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير