تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم: "إلا رداء الكبرياء على وجهه": يدل على أن الحجاب قد يكون صفة كما تقدم تقرير ذلك في التعليق الذي قبل هذا [رقم139]، وما نقله الحافظ هنا عن المازري وعياض يقتضي نفي حقيقة الحجاب، وأن المانع من الرؤية ضعف أبصار العباد فقط، لا أن هناك حجابًا بينهم وبين الله تعالى، وهذا جارٍ على أصل الأشاعرة في الرؤية وأنه يُرى لا في جهة بناء على نفيهم للعلو. وكذا ما نقله بعد ذلك عن القرطبي وابن بطال هو جارٍ على هذا السَنَن، وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم أظهر من أن يحتاج إلى هذا التمحل الذي حمل عليه رعاية الأصول الفاسدة والمحافظة عليها.

141 – (13/ 435) قال الحافظ: "قوله: (باب ما جاء في قول الله تعالى: إن رحمت الله قريب من المحسنين، قال ابن بطال: الرحمة تنقسم إلى صفة ذات، وإلى صفة فعل، وهنا يحتمل أن تكون صفة ذات، فيكون معناها إرادة إثابة الطائعين، ويحتمل أن تكون صفة فعل فيكون معناها أن فضل الله بسوق السحاب وإنزال المطر قريب من المحسنين، فكان ذلك رحمة لهم لكونه بقدرته وإرادته ... ".

وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 25.

قال الشيخ البراك: قول ابن بطال: "الرحمة تنقسم إلى صفة ذات وإلى صفة فعل": هذا صحيح؛ فإنه سبحانه ذو الرحمة التي لم يزل متصفًا بها وهي لازمة لذاته، وهو ذو رحمة يرحم بها من يشاء؛ فالأولى هي الصفة الذاتية، والثانية هي الصفة الفعلية، وكلاهما قائم بذاته سبحانه وتعالى. ولولا ذلك لم تكن صفة. ولكن ابن بطال فسر الرحمة الذاتية بالإرادة على طريقة الأشاعرة، وفسر الرحمة الفعلية بالمفعول المخلوق كسوق السحاب، وكلا التفسيرين خطأ؛ فإن الرحمة غير الإرادة، والفعل القائم بالفاعل غير المفعول، والأشاعرة لا يثبتون حقيقة الرحمة، فلذا يؤولونها بالإرادة ولا يثبتون فعلاً يقوم بالرب بمشيئته سبحانه، فلذا يجعلون الفعل هو المفعول، ومعلوم أن المفعول ليس صفة للفاعل، بل هو أثر فعله. وبهذا تبين أن تسمية المفعول - وهو الرحمة المخلوقة كالمطر - صفة فعلية مخالفة للعقل. وتحرير المقام أن الرحمة المضافة لله تعالى إما أن تكون صفة ذاتية أو فعلية كما تقدم، وإما أن تكون مخلوقة؛ فمن الأول قوله تعالى: "وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين"، ومن الثاني قوله تعالى: "فانظر إلى آثار رحمة الله"؛ فإن المراد بالرحمة هنا: المطر. وكقوله تعالى: "وهو الذي يرسل الرياح بشرًا بين يدي رحمته"، وكما في حديث الباب من قوله تعالى للجنة: "أنت رحمتي أرحم بك من أشاء".

وانظر التعليقين (65) و (77).

142 – (13/ 436) قال الحافظ: "قال ابن بطال عن المهلب: يجوز أن يكون هذا الخصام حقيقة بأن يخلق الله فيهما حياة وفهمًا وكلامًا، والله قادر على كل شيء، ويجوز أن يكون هذا مجازًا كقولهم: امتلأ الحوض وقال قطني، والحوض لا يتكلم وإنما ذلك عبارة عن امتلائه وأنه لو كان ممن ينطق لقال ذلك، وكذا في قول النار: "هل من مزيد".

وذلك في كلامه على حديث رقم 7449، كتاب التوحيد، باب 25.

قال الشيخ البراك: قوله صلى الله عليه وسلم: "اختصمت الجنة والنار .... إلخ": قيل إن هذا الاختصام حقيقة بلسان المقال، وأن الله عز وجل أنطق الجنة والنار، وقيل: إن الخصومة بلسان الحال، ومعناه أنه لم يكن نطق ولا كلام؛ فذكر الخصومة مجاز. وقد ذكر ابن بطال هذين الوجهين عن المهلب احتمالاً دون ترجيح، والواجب حمل الكلام على الحقيقة ما لم يمنع من ذلك مانع، ولا مانع هنا، ولا دليل يدل على صرف الكلام عن ظاهره، فالصواب أن الله تعالى أنطق الجنة والنار فاختصمتا كما ذكر في الحديث. والله تعالى ينطق الجلود بالشهادة على أهلها وليس في العادة أن تنطق؛ كما قال تعالى: "وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء".

143 – (13/ 440) قال الحافظ: "وتصرف البخاري في هذا الموضع يقتضي موافقة القول الأول، والصائر إليه يسلم من الوقوع في مسألة حوادث لا أول لها، وبالله التوفيق"*.

وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 27.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير