تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ البراك: قول القاضي عياض: "إضافة الدنو والقرب إلى الله تعالى أو من الله ليس دنو مكان ولا قرب زمان ... إلخ":

انظر في دنو الرب سبحانه وقربه من عبده، وفي دنو العبد وقربه من ربه التعليق السابق رقم (157) و (67)

159 – (13/ 491) قال الحافظ: "والمذهب الحق أن لا جبر ولا قدر".

وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 40.

قال الشيخ البراك: قوله: "والمذهب الحق أن لا جبر ولا قدر": المراد بهذا نفي مذهب الجبرية ومذهب القدرية في أفعال العباد. ولا ريب أن في كلا المذهبين حقًا وباطلاً؛ فقول الجبرية إن أفعال العباد مخلوقة لله حق، ونفيهم لقدرة العبد ومشيئته وإضافة أفعاله إليه حقيقةً باطل، وقول القدرية: إن أفعال العباد هي أفعالهم حقيقة، وإنها واقعة منهم بقدرة منهم ومشيئة حق، ونفيهم أن تكون مخلوقة لله تعالى ولا واقعة بمشيئته، بل بمحض مشيئة العبد باطل.

وكذلك قول الأشاعرة: إن أفعال العباد خلق لله، وكسب من العباد. ومعنى أنها كسب: أن الله تعالى يخلقها عند قدرتهم لا بقدرتهم؛ فلا أثر لقدرتهم في أفعالهم وما العلاقة بينهما إلا الاقتران. وهذا راجع إلى مذهبهم في الأسباب، وهو نفي تأثيرها في مسبباتها. وفيما قالوه في أفعال العباد حق وباطل؛ فإثباتهم خلق الله لأفعال العباد وإثباتهم لقدرة العبد حق، ونفي أن تكون أفعالاً لهم حقيقة، ونفي تأثير قدرتهم فيها وتعبيرهم عن حدوثها عند قدرتهم بالكسب باطل.

وبهذا يتبين أن ما ذكره الحافظ عن الكرماني أو غيره هو مذهب الأشاعرة. ومذهب أهل السنة والجماعة أن أفعال العباد مخلوقة لله تعالى، وهي أفعال لهم حقيقة واقعة بقدرتهم ومشيئتهم، والله خالقهم، وخالق مشيئتهم وقدرتهم وأفعالهم، وأنه لا مشيئة لهم إلا بعد مشيئته سبحانه كما قال تعالى: "وما تشاءون إلا أن يشاء الله".

160 - (13/ 493 - 494) قال الحافظ: "ومن شدة اللبس في هذه المسألة كثر النهي عن الخوض فيها، واكتفوا باعتقاد أن القرآن كلام الله غير مخلوق، ولم يزيدوا على ذلك شيئًا، وهو أسلم الأقوال، والله المستعان".

وذلك في كلامه على كتاب التوحيد، باب 40.

قال الشيخ البراك:

أولاً: لا يسلم للحافظ دعوى شدة اللبس في مسألة كلام الله تعالى عند السلف ونهيهم عن الخوض فيها، بل هي عند السلف والأئمة مشرقة بينة لا لبس فيها ولا خفاء، ولم ينهوا عن الخوض فيها، بل خاضوا فيها صدعًا بالحق وردًا للباطل، وإنما اللبس في هذه المسألة عند طوائف المتكلمين المبتدعين، ولهذا فرقوا دينهم شيعًا كما ذكر الحافظ هنا أقاويلهم.

ثانياً: قوله إن السلف اكتفوا بأن القرآن كلام الله غير مخلوق كلام حق، لكنه كلام مجمل لا يحرر مذهب السلف، ولا يميزه عن غيره؛ فالصواب أنهم لم يكتفوا بهذا الإجمال بل قالوا في القرآن إنه كلام الله منزل غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود، وقالوا: إن الله لم يزل متكلمًا إذا شاء بما شاء كيف شاء، وقالوا: إن كلام الله صفة قائمة به كسائر صفاته، وإنه حروف وأصوات يكون بمشيئته، وإن موسى عليه السلام سمع كلام الله من الله. فتحرير المذهب الحق في كلام الله تعالى أنه: صفة قائمة به خلافًا للجهمية والمعتزلة، وأنه لم يزل متكلمًا خلافًا للكرامية، وأنه يتكلم بمشيئته خلافًا للكلابية والأشاعرة والسالمية، وأن كلامه بحرف وصوت وأن معانيها لا حصر لها، خلافًَا للكلابية والأشاعرة؛ قال تعالى: "قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددًا". والحاصل أن مذهب السلف في القرآن وفي كلام الله حق محض، وكل قول خالفه ففيه حق وباطل.

161 – (13/ 496) قال الحافظ: "إن غرضه في هذا الباب ما ذهب إليه أن الله يتكلم متى شاء، وهذا الحديث من أمثلة إنزال الآية بعد الآية على السبب الذي يقع في الأرض، وهذا ينفصل عنه من ذهب إلى أن الكلام صفة قائمة بذاته".

وذلك في كلامه على حديث رقم 7521، كتاب التوحيد، باب 41.

قال الشيخ البراك: لا ريب أن ما قاله الحافظ عن غرض البخاري في هذه الترجمة أظهر من قول ابن بطال للوجه الذي ذكره الحافظ، ولا ريب أن مذهب البخاري أن الله تعالى يتكلم متى شاء. ووجه استدلال البخاري على هذا بالحديث أن الآية نزلت بعد تحاور أولئك النفر، وهذا يتضمن أن الله تكلم بها حينئذ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير