تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال الشيخ البراك: قوله تعالى: "فإذا قرأناه فاتبع قرآنه": المعروف في التفسير أن المراد قراءة جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بأمره سبحانه، فأضاف القراءة إلى نفسه سبحانه لأنها مما تفعله الملائكة بأمره، وما فعلته الملائكة بأمره يضيفه الله تعالى لنفسه لأنه مما فعله بواسطة ملائكته. ويشهد لهذا ما جاء عن السلف في تفسير قوله تعالى: "ونحن أقرب إليه منكم": قالوا: المراد قرب ملائكته سبحانه، ومثل هذا لا يجري ولا يصح إلا فيما ذكر الله سبحانه فيه نفسه بصيغة الجمع، وبهذا يبطل تشبيه هذه الآية بقوله تعالى: "وجاء ربك"، وقوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربنا"؛ فالآية والحديث نص في إضافة المجيء والنزول إليه سبحانه، وليس هذا بمشكل عند أهل السنة لأنهم يثبتون قيام الأفعال الاختيارية به، وإنما يستشكل مثل هذا من ينفي أن يقوم بذاته سبحانه ما هو بمشيئته، وهي صفاته الفعلية كاستوائه على العرش وتكلمه بما شاء وضحكه وفرحه سبحانه.

165 - (13/ 501) قال الحافظ: "قوله: (باب قول الله تعالى: وأسروا قولكم) أشار بهذه الآية إلى أن القول أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره؛ فإن كان بالقرآن فالقرآن كلام الله، وهو من صفات ذاته".

وذلك في كتاب التوحيد، باب 44.

قال الشيخ البراك: قوله: "وأشار بهذه الآية إلى أن القول أعم من أن يكون بالقرآن .... إلخ": فيه نظر من وجهين:

أولاً: دعوى أن القول في الآية يشمل القرآن؛ وهذا لا يصح لأن القول في الآية مضاف للمخاطبين، والقرآن ليس قولاً لهم وإن أدّوه بأصواتهم وأفعالهم؛ ولهذا يقال: الكلام كلام الباري، والصوت صوت القارئ. وإضافة القرآن للرسول من الملائكة والرسول من البشر إضافة تبليغ كما يشعر بذلك لفظ الرسول.

ثانيًا: دعوى أن البخاري أشار بهذه الآية إلى أن القول أعم من أن يكون بالقرآن أو بغيره لا تصح؛ لما تقدم من أن القرآن لا تصح إضافته قولاً لكل قارئ، والأظهر أن البخاري أشار بالآية إلى أن أفعال العباد مخلوقة لأن أقوالهم من أفعالهم، وقد قال الله سبحانه وتعالى: "ألا يعلم من خلق"، ففي الآية رد على القدرية القائلين بأن أفعال العباد مخلوقة لهم.

وقوله: "فالقرآن كلام الله وهو من صفات ذاته ... إلخ": ظاهره حق، ولكن المعروف من مذهب الأشاعرة أن كلام الله معنى نفسي؛ فالقرآن الذي هو كلام الله حقيقة هو ذلك المعنى النفسي، وهذا عندهم ليس بمخلوق قطعًا، كعلمه وقدرته، وأما القرآن المكتوب المسموع والمحفوظ فهو عبارة عن ذلك المعنى النفسي، وعلى هذا فتسميته كلام الله مجاز. والحق أن القرآن كلام الله حقيقة - حروفه ومعانيه - وهو المحفوظ في الصدور والمكتوب في المصاحف المحفوظ المسموع، وعلى هذا فالقول في الآية هو المعنى المصدري بمعنى التلفظ والتكلم والنطق؛ وهذه كلها من أفعال العباد، وهي مخلوقة، وأما القول بمعنى المقول فإن كان من كلام الله فليس بمخلوق، وإن أدّاه العبد بفعله عند تلاوته، وإن كان كلامًا لبعض العباد فهو مخلوق، وهذا هو الذي قصد إليه البخاري في هذه التراجم المتتالية، وهو الفرق بين اللفظ الذي هو فعل العبد، والملفوظ الذي هو القرآن كما نبه على ذلك ابن المنير في كلامه بعد هذا.

ـ[عبد الرحمن السديس]ــــــــ[15 - 04 - 06, 10:21 م]ـ

166 – (13/ 513) قال الحافظ: "قوله: (ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي هرولته) لم يقع: (وإذا أتاني .... ) إلخ في رواية الطيالسي، قال ابن بطال: وصف سبحانه نفسه بأنه يتقرب إلى عبده، ووصف العبد بالتقرب إليه، ووصفه بالإتيان والهرولة كل ذلك يحتمل الحقيقة والمجاز؛ فحملها على الحقيقة يقتضي قطع المسافات وتداني الأجسام وذلك في حقه تعالى محال، فلما استحالت الحقيقة تعين المجاز لشهرته في كلام العرب، فيكون وصف العبد بالتقرب إليه شبرا وذراعا وإتيانه ومشيه معناه التقرب إليه بطاعته وأداء مفترضاته ونوافله، ويكون تقربه سبحانه من عبده وإتيانه والمشي عبارة عن إثابته على طاعته وتقربه من رحمته، ويكون قوله: أتيته هرولة أي أتاه ثوابي مسرعا .... فإن المراد به قرب الرتبة وتوفير الكرامة. والهرولة كناية عن سرعة الرحمة إليه ورضا الله عن العبد وتضعيف الأجر، قال: والهرولة ضرب من المشي السريع وهي دون العدو، وقال صاحب المشارق: المراد بما جاء في هذا الحديث سرعة قبول

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير