استفسار: إذا كانت الاستغاثة بمحمد جائزة فلماذا نوبخ النصارى الذين يستغيثون بالمسيح؟ أليس هذا إقرار منكم بجواز قول النصارى يا مسيح وجواز قول الرافضة يا حسين.
ونحن نحتج عليكم بما تحتجون به على النصارى إذ تقولون: أين قال المسح أعبدوني مع الله؟ ونحن نقول لكم أين قال محمد أدعوني مع الله؟ لا فرق بين يا محمد يا بدوي يا رفاعي وبين يا عيسى يا مسيح
قال الحق: {ومن أضل ممن يدعو من دون لله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة}. وقال الحق: {يدعون من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال المبين}.
وهل يمكن للنبي أن يسمع أدعية الآلاف في وقت واحد؟ ولو قدرنا أن هناك ألفاً في مصر يسألونه وألف في أندنوسيا وألفا في الصين كلهم يستغيثون به: فهل يستطيع استيعاب كل أدعيتهم في وقت واحد مهما كثر عددهم واختلفت أمكنتهم ولغاتهم؟
إن قلت نعم فقد زعمت أن النبي لا يشغله سمع عن سامع وأضفت إليه العلم المطلق وعجلتيه شريكاً مع الله في قوله: {وما يكون من نجوى ثلاثة إلا وهو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم}. وجعلت كل مقبور مستحقاً صفات: سميع بصير مجيب كاشف.
وإذا كان معلوم أن الذي تدعونه من دون الله لا يسمع من دعاه أو تحدث عنه منبعد حين كان حياً فكيف يقبل من عنده عقل أن النبي والصالحين أصبحت حواس الرسول والصالحين ترصد وتسمع من يدعوة ولو كان في أمريكا.
فلا أقول إلا قول الحق: {وزين لهم الشيطان أعمالهم}.
البرهان الأكيد بأن الرسول لا يسمع.
يوم أن يحال بينه صلى الله عليه وسلم وبين أناس عند الحوض يقول: (أصيحابي أصيحابي , فيقال له. إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) متفق عليه.
فيدل على أن الرسول لم يكن على علم بتفاصيل ما جرى لأمته.
وهذا عيسى عليه السلام يقول يوم القيامة {ما قلت لهم إلا ما أمرني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم}.
أقول: فما بال أناس يعتقدون أنه صلى الله عليه وسلم يسمع من مناديه في الشرق والمغرب؟ هل فسد دين المسلمين إلا بمخلفات التعصب والتقليد والعمى وهل مكن للكفار إلا لأن عقائد المسلمين صارت تشتمل على أشياء مما عندهم قال الحق: {يضاهئون قول الذين كفروا من قبل}.
وقد ردت الزميلة حديث الحوض وفسرته تفسير ضعيف وقالت: إن ذلك يمثل المنافقين في وقت الرسول , والمرتدين عن الدين.
فأجبتها:
أما قولك عن أهل الحوض فكم أضحكني ردك يا زميلة , وأعتقد أنك مقتبسة هذا الرد من موقع رافضي , نسأل الله السلامة.
أولاً: الحديث يشير إلى عدد معين وهو رهط , والرهط عدد من 3 إلى 10 , والذين قتلو ا في معارك الردة يفوقونهم بكثير جداً. وبهذا يسقط استدلالك بأنهم مرتدون
ثانياً: في الرواية يقول الرسول ارتدوا على أعقابهم القهقرى , وهذا ينفي المنافقين الموجودين في وقت الرسول لأن الكافر أو كفر النفاق لا يحتاج إلى الرجوع فآخر المهلكة الكفر والنفاق.
ثالثاً: لفظ ارتدوا على أعقابهم القهقرى , لا يساوي الكفر [ارتدوا القهقرى] لها معنى في اللغة يخالف معنى الارتداد بالكفر، فالارتداد القهقرى – أو الرجوع إلى الخف - وهو يأتي بمعنى التعاون أو التنازل عن بعض الحق، ويأتي أحيانا بمعنى التنازل عن الفضل والنزول من مرتبة عالية إلى مرتبة أقل منها، والصحابة لموضعهم من دين الله وسابقتهم لا ينبغي من أمثالهم ذلك، ولذلك كان التنازل عن شيء يسير يعتبر في حقهم ارتدادا على الأدبار إلى الخلف.
ولعلكي ترين في الحديث تشديد النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه من باب أفضليتهم وسابقتهم، وهذا كمثل تشديد الله تعالى على أمهات المؤمنين من باب فضلهن ومنزلتهن وموضعهن من دين الله تعالى، فقال عز وجل: {من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف بها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا}، وهذا كما يقال: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وهي عند التحقيق حسنات ولكنها في حق المقربين كانت أقل مما ينبغي أن تكون عليها حالتهم.
من أقوال أئمة السلف في حرمة الاستغاثة بغير الله:
أقول أنا فهَّاد: أما قولك منهم علماء السلف القائلين بقولي.
¥