القول في تأويل قوله تعالى: من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ولقوله جل ثناؤه: من الذين هادوا يحرفون الكلم وجهان من التأويل: أحدهما: أن يكون معناه: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب من الذين هادوا يحرفون الكلم فيكون قوله: من الذين هادوا من صلة الذين. وإلى هذا القول كانت عامة أهل العربية من أهل الكوفة يوجهون. قوله: من الذين هادوا يحرفون والآخر منهما: أن يكون معناه: من الذين هادوا من يحرف الكلم عن مواضعه. فتكون من محذوفة من الكلام اكتفاء بدلالة قوله: من الذين هادوا عليها , وذلك أن من لو ذكرت في الكلام كانت بعضا لمن , فاكتفى بدلالة من عليها , والعرب تقول: منا من يقول ذلك , ومنا لا يقوله , بمعنى: منا من يقول ذاك , ومنا من لا يقوله , فتحذف من اكتفاء بدلالة من عليه , كما قال ذو الرمة: فظلوا ومنهم دمعه سابق له وآخر يذري دمعة العين بالمهل يعني: ومنهم من دمعه. وكما قال الله تبارك وتعالى: وما منا إلا له مقام معلوم وإلى هذا المعنى كانت عامة أهل العربية من أهل البصرة يوجهون تأويل قوله: من الذين هادوا يحرفون الكلم غير أنهم كانوا يقولون: المضمر في ذلك القوم , كأن معناه عندهم: من الذين هادوا قوم يحرفون الكلم , ويقولون: نظير قول النابغة: كأنك من جمال بني أقيش يقعقع خلف رجليه بشن يعني: كأنك جمل من جمال أقيش فأما نحويو الكوفة , فينكرون أن يكون المضمر مع من إلا من أو ما أشبهها والقول الذي هو أولى بالصواب عندي في ذلك قول من قال قوله: من الذين هادوا من صلة الذين أوتوا نصيبا من الكتاب , لأن الخبرين جميعا والصفتين من صفة نوع واحد من الناس , وهم اليهود الذين وصف الله صفتهم في قوله: ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب وبذلك جاء تأويل أهل التأويل , فلا حاجة بالكلام إذ كان الأمر كذلك إلى أن يكون فيه متروك
وأما تأويل قوله: يحرفون الكلم عن مواضعه
فإنه يقول: يبدلون معناها ويغيرونها عن تأويله ,
والكلم جماع كلمة.
وكان مجاهد يقول: عنى بالكلم: التوراة
قراءة الرسول (ص) على أبي بن كعب " الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية، ولا النصرانية "
مسند الطيالسي- أحاديث أبي بن كعب رحمه الله
535 حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عاصم ابن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن أبي بن كعب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل
أمرني أن أقرأ عليك القرآن "،
قال: فقرأ عليه لم يكن وقرأ عليه:
" إن دأب الدين عند الله الحنيفية لا المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيرا فلن يكفروه "،
وقرأ عليه: لو كان لابن آدم واد لابتغى إليه ثانيا ولو أعطي ثانيا لابتغى إليه ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب " *
المستدرك على الصحيحين للحاكم- كتاب التفسير
2842 أخبرني عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الأسدي، ثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل، ثنا آدم بن أبي إياس، ثنا شعبة، عن عاصم، عن زر، عن أبي بن كعب رضي الله عنه، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن "
فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين ومن نعتها لو أن ابن آدم سأل واديا من مال، فأعطيته، سأل ثانيا، وإن أعطيته ثانيا، سأل ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب،
وإن الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية، ولا النصرانية، ومن يعمل خيرا فلن يكفره " "
هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه " *
مسند أحمد بن حنبل- مسند الأنصار- حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب
20760 حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري، حدثنا سلم بن قتيبة، حدثنا شعبة، عن عاصم بن بهدلة، عن زر، عن أبي بن كعب، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" إن الله أمرني أن أقرأ عليك "
قال: فقرأ علي: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة
" إن الدين عند الله الحنيفية، غير المشركة، ولا اليهودية، ولا النصرانية، ومن يفعل خيرا فلن يكفره " قال شعبة: ثم قرأ آيات بعدها، ثم قرأ: " لو أن لابن آدم واديين من مال، لسأل واديا ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب " قال: ثم ختمها بما بقي منها *
تعليق:- الحنيفية أي دين إبراهيم عليه السلام ولم يقل الإسلام في قراءة أبي بن كعب وهو من الأنصار وكان فيهم الكثير من أهل الكتاب وكلمة الحنيفية عند اليهود والنصارى معلومة آنذاك.
والله الأعلم
سؤال:- ما تعريف الإسلام وما تعريف الحنيفية، وهل هما يحملان تعريفا واحدا؟
وجزاكم الله خيرا
¥