المدبر الخالق الذي بيده الأمر وله الأمر كله جلّ وعلا , عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ (يَا غُلَامُ إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ احْفَظْ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظْ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّه) صححه الألباني , فقوله (إذا استعنت فاستعن بالله) يعني إذا كنت متوجها للاستعانة فلا تستعن بأحد إلا بالله؛ فإذا حصل منك حاجة للاستعانة فاستعن بالله , ولما أمر به علمنا أنه من العبادة.
س23 - ما هي أنواع الإستعانة؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن:الإستعانة خمسة أنواع: أولها الإستعانة بالله وهي: الإستعانة المتضمنة لكمال الذل من العبد لربه، وتفويض الأمر إليه، واعتقاد كفايته وهذه لا تكون إلا لله تعالى ودليلها قوله تعالى (إياك نعبد وإياك نستعين) وعلى هذا يكون صرف هذا النوع لغير الله تعالى شركاً مخرجاً عن الملة , وثانيها الإستعانة بالمخلوق على أمر يقدر عليه فهذه على حسب المستعان عليه فإن كانت على بر فهي جائزة للمستعين مشروعة للمعين لقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) المائدة 2 , وإن كانت على مباح فهي جائزة للمستعين والمعين لكن المعين قد يثاب على ذلك ثواب الإحسان إلى الغير ومن ثم تكون في حقه مشروعة لقوله تعالى (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) المائدة , وثالثها: الاستعانة بمخلوق حي حاضر غير قادر فهذه لغو لا طائل تحتها مثل أن يستعين بشخص ضعيف على حمل شيء ثقيل , ورابعها الإستعانة بالأموات مطلقاً أو بالأحياء على أمر الغائب لا يقدرون على مباشرته فهذا شرك لأنه لا يقع إلا من شخص يعتقد أن لهؤلاء تصرفاً خفيا في الكون , وخامسها الإستعانة بالأعمال والأحوال المحبوبة إلى الله تعالى وهذه مشروعة بأمر الله تعالى في قوله (أستعينوا بالصبر والصلواة) البقرة153.
س24 - ما تعريف الاستعاذة؟
اعلم وفقك الله أن: الاستعاذة لغة مأخوذة من العوذ وهي الالتجاء ولذا سميت المعوذتين لأنها تعصمان من السوء فهي طلب الالتجاء , وشرعاً الالتجاء إلى الله قال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس) الناس1, فقولنا: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم, معناها ألتجئ وأعتصم وأتحرز بالله من شر الشيطان الرجيم, فإذن الاستعاذة طلب العوذ , طلب المعتصَم, طلب الحِرز, طلب ما يعصم, طلب ما يحمي, هذه الاستعاذة.
س25 - ما هي أنواع الاستعاذة؟
اعلم وفقك الله لمعرفة الحق أن: الاستعاذة أربعة أنواع , الأول: الاستعاذة بالله تعالى وهي المتضمنة لكمال الافتقار إليه والاعتصام به واعتقاد كفايته وتمام حمايته من كل شيء حاضر أو مستقبل، صغير أو كبير، بشر أو غير بشر قال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) سورة الفلق , وقال تعالى (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ) سورة الناس , الثاني: الاستعاذة بصفة ككلامه وعظمته وعزته ونحو ذلك ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) مسلم , وقوله (أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) صححه الألباني , وقوله في دعاء الألم (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر) صححه الألباني , وقوله (أعوذ برضاك من سخطك) مسلم , وقوله صلى الله عليه وسلم حين نزل قوله تعالى (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذاباً من فوقكم) الأنعام 65 , فقال (أعوذ بوجهك) البخاري , الثالث: الإستعاذة بالأموات أو الأحياء غير الحاضرين القادرين على العوذ فهذا شرك ومنه قوله تعالى (وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاً) الجن 6 , الرابع: الإستعاذة بما يمكن العوذ به من المخلوقين من البشر أو الأماكن أو غيرها فهذا جائز ودليله قوله صلى الله عليه وسلم في ذكر الفتن: (من تشرف لها تستشرفه ومن وجد ملجأ أو معاذاً فليعذبه) متفق عليه وقد بين صلى الله عليه وسلم هذا الملجأ والمعاذ بقوله: (فمن كان له إبل فليلحق
¥